سطوع الحق وانهيار الباطل
يتجلّى الصراعُ القائمُ اليومَ بين الحق والباطل كمرآةٍ كُبرى تكشفُ للإنسان موقعَه الحقيقي، وتُعرِّيه أمامَ نفسه قبل أن يُعرِّيَه أمام الناس؛ فالمسألة هي قضيةُ مصيرٍ أبديٍّ يتحدّدُ فيه طريقُ الإنسان: إمّا نور الجنة أَو ظلمات النار.
وفي هذا الامتحان الكوني، يصبح لزامًا على كُـلِّ فرد أن يزن خطواته، وأن يسألَ قلبه: أين أقفَ؟ ومع من أقف؟ ولماذا أقف هنا؟ وقد قال الله تعالى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ}.
لقد كُنا في الماضي نقول: لم نعد نعرفُ أين الحق وأين الباطل، وكان ذلك نتيجة الجهل بالقرآن الكريم، وسيطرة الباطل على الإعلام والمناهج الدراسية، وفي مقدمتها تغييب سيرة ومواقف آل بيت النبوة الذين هم الامتداد الطبيعي لكتاب الله، والميزان الذي يُعرَف به الحق من الباطل.
كان الباطل يغطِّي المشهدَ حتى بدا وكأنه الحقيقة، بينما الحق محجوب لأن القلوب غُطّيت بالغفلة.
ثم جاءت القضية الفلسطينية، فكانت الحدث الأعظم الذي أعاد رسم الخريطة الروحية والفكرية للأُمَّـة.
لقد سَطَعَ فيها نورُ الحق كما لم يسطع منذ عقود، وتمايز فيها الصفَّان: صفٌّ يحمل راية العدل، ويقف مع المظلوم، ويدافع عن الأرض والعِرض والدين، وصفٌّ آخر انكشفت فيه الأقنعة، وظهرت وجوه الخيانة، سواء على المستوى المحلي أَو الإقليمي أَو الدولي.
من وفَّقه الله استنار الطريق أمامه، ورأى الحق بيّنًا، فسار نحوه مطمئنًا، ومن أُغلِقت بصيرته تاه في الظلمات، يتخبّط بين مصالح دنيوية، وشهوات، وانحرافات؛ فيزدادُ عمىً فوقَ عماه.
فالحَقُّ يحتاجُ إلى مؤهَّلاتٍ في النفس حتى يُبصِرَه الإنسان.
أولى هذه المؤهلات الفِطرة السليمة التي لم تُلوِّثْها الانحرافاتُ ولا الشهوات، ثم زكاء النفس وصفاء القلب والاستقامة العملية، وهذه كلها تجعلُ صاحبَها قريبًا من الطريق الذي أراده الله لعباده.
وما إن يخلو قلب الإنسان من التعصب والتكبّر والمصالح الشخصية حتى يصبح أقرب إلى رؤية الحقيقة، مهما حاولت قوى الباطل أن تخفيها، ولهذا يقول تعالى: {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.
في المقابل، من انطمس عن درب الحق فله أسباب تقوده إلى ذلك
ارسال الخبر الى: