كير ستارمر نحو رئاسة وزراء بريطانيا بتغيير وجه العمال
٧٢ مشاهدة
كثيرا ما يصف زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر 61 عاما نفسه بأنه من خلفية الطبقة العاملة إذ لم يتردد في تكرار هذه الجملة خلال الحملة الانتخابية في انتخابات مجلس العموم البريطاني الحالية لكن ستارمر الذي بدأ حياته المهنية بتوجهات أكثر يسارية عمل على أخذ حزبه نحو الوسط ضمن سباقه نحو رئاسة الوزراء في الوقت الذي يخوض فيه أول تجربة انتخابات له زعيما لحزب العمال مع ترجيح معظم استطلاعات الرأي فوزه في انتخابات الرابع من يوليو تموز قبل إغلاق البرلمان لإجراء الانتخابات كان لحزب العمال 205 نواب ومن أجل الفوز بأغلبية مطلقة سيحتاج الحزب إلى الفوز بـ326 مقعدا ورغم أن استطلاعات الرأي جميعها تعطي تفوقا لحزب العمال غدا الخميس وتقدما بحوالي 20 نقطة على المحافظين لا يتعامل ستارمر مع هذه الاستطلاعات على أنها حقيقة إلا عند تحققها بحسب تعبير ستارمر إذ يسعى العمال إلى تحقيق أكبر عدد ممكن من المقاعد مستغلا هذه اللحظة التاريخية لانهيار شعبية المحافظين بعد 14 عاما لهم في الحكم كير ستارمر انخراط متأخر في السياسة بعد إنهاء دراسته للقانون في جامعة ليدز ولاحقا في جامعة أكسفورد أصبح كير ستارمر عام 1987 محاميا متخصصا في قانون حقوق الإنسان الأمر الذي أخذه للعمل في منطقة بحر الكاريبي وأفريقيا حيث دافع عن السجناء الذين يواجهون عقوبة الإعدام في أواخر سنوات التسعينيات ترافع مجانا عن نشطاء ما عرف في حينه بـماك ليبل الذين لاحقتهم شركة ماكدونالدز لتوزيع منشورات تشكك في المزاعم البيئية لعملاق الوجبات السريعة رغم أن له بعض المحطات في حياته تتعلق بالعمل والمواقف السياسية إلا أن حياته السياسية ليست زاخرة بخلاف قادة أحزاب آخرين في بريطانيا وهو أحد الانتقادات الأكثر شيوعا له من خصومه وأحيانا من حلفائه لكن من هذه المحطات أنه ساعد في تحرير مجلة البدائل الاشتراكية خلال أيام الجامعة وهي مجلة تروتسكية كما قدم حججا قانونية ضد مشاركة حكومة توني بلير بغزو العراق عام 2003 لكن صورة اليساري تغيرت بعد أن أصبح مستشارا لرابطة كبار ضباط الشرطة ومجلس الشرطة في أيرلندا الشمالية الذي تم تشكيله عام 2008 وتعيينه مديرا للنيابة العامة وهو أعلى مدع عام جنائي في إنكلترا وويلز وهو جانب يذكره خلال حملته الانتخابية عن ماضيه معتبرا أن تلك الفترة ساهمت في اطلاعه على ما يحصل من قضايا ومشاكل داخل المجتمع البريطاني عن كثب وحاز بسببها على وسام الفروسية فقط في عام 2015 انخرط بشكل مباشر بالسياسة بعد أن أصبح نائبا في البرلمان عن منطقة هولبورن وسانت بانكراس في شمال لندن انخرط ستارمر عام 2015 بشكل مباشر بالسياسة بعد أن أصبح نائبا في البرلمان خدم كير ستارمر في الفريق الأمامي لزعيم حزب العمال السابق جيريمي كوربن وزير ظل لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وقال إنه ينبغي النظر في إجراء استفتاء ثان على خروج بريطانيا من الاتحاد كان من المناصرين لكوربن إلا أنه انقلب عليه لاحقا وعمل على طرده من الحزب بعد الهزيمة الفادحة لحزب العمال في الانتخابات العامة لعام 2019 ترشح ستارمر لمنصب زعيم الحزب وهي المنافسة التي فاز بها في إبريل نيسان 2020 مقدما وعوده لرفاقه بأخذ حزب العمال إلى عصر جديد بثقة وأمل في السنوات الأولى من قيادته عمل كير ستارمر على تعزيز معدلات شعبية حزبه الضعيفة في استطلاعات الرأي أدت الخسارة المذلة في الانتخابات الفرعية في هارتلبول في عام 2021 إلى التركيز الجديد على استعادة الناخبين فيما يسمى بالجدار الأحمر وهو المصطلح الذي يصف الدوائر الانتخابية في شمال إنكلترا وميدلاندز التي كانت ذات يوم جزءا من التصويت الأساسي لحزب العمال لكن فاز بها نواب حزب المحافظين في انتخابات عام 2019 اللون الأحمر هو لون حزب العمال الرسمي أدت إعادة التفكير في السياسة إلى تخلي ستارمر عن تعهداته بإلغاء الرسوم الدراسية الجامعية وتأميم شركات الطاقة والمياه فيما اتهمه البعض من يسار حزبه بخيانة الوفاء بالوعود تمكن الحزب تحت قيادته من تحقيق نجاحات لاحقا في انتخابات الإعادة في بعض المناطق والتي كانت محسوبة على المحافظين الأمر الذي حفز من عملية العودة إلى الشارع والسلطة في الوقت الذي كانت تنهار فيه حكومات المحافظين منذ أيام حكومة بوريس جونسون وتتكشف فضائح عديدة أفضت إلى انحدار شعبية حزب المحافظين بشكل كبير وغير مسبوق مما دفع رئيس الحكومة الحالي ريشي سوناك للإعلان بشكل مفاجئ عن موعد جديد لانتخابات مجلس العموم البريطاني لوقف هذا الانحدار انحياز لإسرائيل وتخل عن اليساريين ويخوض حزب العمال بقيادة كير ستارمر هذه الانتخابات ببرنامج انتخابي قريب من الواقع وغير خيالي كما يردد ستارمر في أكثر من مناسبة تشمل بعض التعهدات التي قدمها العمال خفض قوائم انتظار هيئة الخدمات الصحية الوطنية من خلال توفير 40 ألف موعد إضافي كل أسبوع بتمويل من معالجة التهرب الضريبي وإغلاق الثغرات الضريبية أما في قضية الهجرة واللجوء والتي تسيطر على النقاش الدائر في هذه الانتخابات فتعهد ستارمر بإطلاق قيادة لأمن الحدود لمنع عصابات تهريب البشر من ترتيب عبور القوارب الصغيرة كما تعهد ببناء 1 5 مليون منزل جديد من خلال إصلاح قوانين التخطيط وإدخال مخطط لمنح المشترين لأول مرة أول دفعة في مشاريع الإسكان الجديدة ودعم التعليم من خلال توظيف 6500 معلم يتم دفع رواتبهم من خلال إنهاء الإعفاءات الضريبية للمدارس الخاصة خلال الحملة الانتخابية تخلى عن عدد من النواب من حزبه المحسوبين على التيار اليساري ومنع ترشحهم عن حزب العمال خلال هذه الانتخابات مثل النائبة المسلمة فايزة شاهين والنائبة السوداء ديان أبوت استكمالا منه لنقل الحزب نحو الوسط والتخلص من الشخصيات اليسارية المعروفة تخلى ستارمر عن عدد من النواب من حزبه المحسوبين على التيار اليساري ومنع ترشحهم عن العمال تعرض كير ستارمر لحملة انتقادات واسعة من داخل حزبه وخارجه بسبب موقف العمال بقيادته من الإبادة الجماعية في قطاع غزة إذ رفض في الأشهر الأولى للحرب تبني موقف وقف إطلاق النار ورفض التصويت على ذلك فيما استقال عشرة نواب من الحزب بسبب ذلك الموقف إضافة إلى موجة استقالات على صعيد الأعضاء العاديين والنواب في المجالس المحلية كانت له تصريحات صحافية برر فيها قطع الماء والغذاء عن قطاع غزة تراجع عنها لاحقا فيما كان يؤكد دائما ما يسمى حق إسرائيل في الدفاع عنها وفقط خلال شهر فبراير شباط الماضي تبنى موقف وقف إطلاق النار أدت هذه المواقف لحزب العمال بقيادته إلى ترشح العديد من المرشحين المستقلين في هذه الانتخابات بعدما كانوا محسوبين على حزب العمال خصوصا بين الجاليات المسلمة التي يعمل الناشطون من أبنائها على معاقبة العمال وكير ستارمر في هذه الانتخابات أخيرا تراجع عن موقف بيان الحزب الرسمي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في حال فوزه والتأكيد أن ذلك يجب أن يحصل ضمن عملية تقود إلى حل الدولتين