سام برس فقدان إسرائيل للاتزان الإستراتيجي

بقلم/ أ. د. محسن محمد صالح
تعاني إسرائيل حالة من فقدان الاتزان الإستراتيجي، قد تتحول إلى خطر وجودي. وهي حالة برزت، خصوصا منذ تشكيل حكومة الليكود بالتحالف مع الصهيونية الدينية في نهاية 2022، ومنذ طوفان الأقصى.
هذا الفقدان يعبر عن إشكالية بنيوية داخلية وخارجية، يصعب الخروج منها؛ بسبب طبيعة المجتمع الصهيوني، وسيطرة اتجاهات يمينية ودينية متطرفة على منظومة الحكم في إسرائيل.
على مدى عشرات السنين، تمكنت إسرائيل من إدارة حالة الاختلاف الديني والعرقي والثقافي لدى التجمع الاستيطاني اليهودي الصهيوني داخلها بالكثير من الكفاءة، وتمكنت من تشكيل منظومات مؤسسية تشريعية وسياسية وقضائية حديثة فعالة، سهلت عليها تجاوز العديد من الأزمات والتناقضات الداخلية. غير أن السنتين الماضيتين كانتا حاسمتين في إفقادها الاتزان.
إن فقدان الاتزان الإستراتيجي الذي نتحدث عنه، يشير إلى أن دولة أو جهة ما أصبحت غير قادرة على الحفاظ على استقرار إستراتيجي طويل المدى؛ بسبب اختلال حساباتها وسوء تقدير إمكاناتها، بحيث تدخل في حالة اضطراب مستمر، تجعلها غير قادرة على التكيف أو اتخاذ قرارات صائبة فعالة، مما يفقدها البوصلة، ويتسبب بنتائج كارثية.
فقدان الاتزان أخطر من فقدان التوازن الإستراتيجي
من ناحية إستراتيجية موضوعية فإن فقدان الاتزان الإستراتيجي أخطر من فقدان التوازن الإستراتيجي، ذلك أن فقدان التوازن الإستراتيجي يعبر عن اختلال ميزان القوى أو القدرات أو الموارد بين طرفين أو أكثر، بحيث يصبح أحد الأطراف قادرا على فرض إرادته على خصومه أو منافسيه.
كما حدث مثلا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وقيادة الولايات المتحدة نظاما أحادي القطبية. وهذا قد يتم تعويضه مع الزمن بتعزيز القوى وتوسيع التحالفات، والحصول على إمكانات وأسلحة نوعية. أما فقدان الاتزان الإستراتيجي فجوهره خلل ذاتي لدى صانع القرار، وفي بنية الدولة ومؤسساتها، وفي رؤاها ومساراتها الإستراتيجية الكبرى.
وهو ما قد يدخلها في حالة من التخبط السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي، وما قد يتسبب في صراعات داخلية، والدخول في صراعات خارجية أكبر من إمكاناتها، وفي غير وقتها. بمعنى أن قيادة الدولة أو منظومتها الحكومة تمارس عملية تدمير ذاتي، يصعب تجاوز
ارسال الخبر الى: