سام برس اليمن بين طفرتين ضائعتين

بقلم / كفاح عادل
ثمانون عاماً مرت على انطلاقة الطفرة النفطية في المنطقة، تلك التي غيرت وجه الخليج وفتحت أبواب التنمية على مصاريعها بينما خرج اليمن – للأسف – خالي الوفاض لا يحمل إلا القليل مما سمحت به ظروف محدودة في مأرب وحضرموت وشبوة.
لم يكن الفقر في الموارد هو السبب بل الفقر في الإدارة والرؤية والقرار. كان يمكن لليمن أن يكون رقماً صعباً في معادلة الطاقة الإقليمية لكنه اكتفى بدور المتفرج يسجل الفرص الضائعة جيلاً بعد جيل.
واليوم يعيش العالم لحظة تحول لا تقل أهمية عن اكتشاف النفط: طفرة الرقميات وسوق الرقائق الإلكترونية وانفجار قدرات الذكاء الاصطناعي. دول تتحول خلال سنوات إلى قوى اقتصادية جديدة بفضل التكنولوجيا وشركات ناشئة تصبح لاعباً عالمياً خلال أشهر واقتصادات تعاد صياغتها من جديد.
أما اليمن، فيمضي – مرة أخرى – خارج إطار هذا السباق لكنه هذه المرة ليس خارج سباق الثروة فقط بل خارج سباق الوجود نفسه في عالم يتغير جذرياً.
الجهل، والحرب، والتسييس المفرط لكل شيء وتعمد تجهيل الأجيال… كلها عوامل صنعت جدارا عازلاً أبقى اليمنيين بعيدين عن المستقبل. ومع ذلك ما يزال هناك متسع من الوقت. فالتكنولوجيا لا تعترف بالحدود والابتكار لا يحتاج لثروات نفطية بل لعقول منفتحة وبيئة تسمح لها بالعمل.
دول فقيرة بمواردها تفوقت لأنها أحسنت استثمار عقول شبابها واليمن لا يفتقر للعقول بل للفرص التي تسمح لها بالعمل.
لقد آن الأوان لوقفة صادقة مع الذات. كفى حروبا عبثية تهدر مستقبل الأجيال. كفى تخلفا يدار بوعي أو بغير وعي لإبقاء المجتمع أسيرا للماضي. كفى تجاهلاً لمستقبل لا ينتظر أحداً.
على اليمنيين – قيادة ومجتمعاً ونخبة – أن ينظروا إلى المستقبل بعيون فاحصة. العالم لا يعود إلى الوراء والأمم لا تبنى بالتمني بل بخطة وعمل وتعليم واستثمار في الإنسان. تخيلوا فقط ما يمكن لليمن أن يكون عليه لو تحولت طاقته الشابة إلى مصانع برمجيات ومراكز بيانات وحاضنات ابتكار ومشاريع ناشئة في الذكاء الاصطناعي.
الطريق طويل لكن بدايته قرار.
إن اليمن
ارسال الخبر الى: