رحل صباح اليوم السبت في عمان الشاعر والصحافي الأردني زياد العناني بعد قرابة 13 عاما من إصابته في 28 آب أغسطس 2011 بجلطة دماغية أفقدته القدرة على النطق والحركة والعناني المولود في بلدة ناعور بعمان عام 1962 حاصل على شهادة الدراسة الثانوية العامة وعمل موظفا حكوميا لقرابة عشرين عاما قبل أن يبدأ العمل في الصحافة الثقافية مع جريدة الرأي ثم الغد أصدر زياد العناني ست مجموعات شعرية بين سنتي 2000 و2009 هي خزانة الأسف 2000 ومرضى بطول البال 2002 التي ضمت قصائد نشرها في مجلات وصحف عربية بين 1990 و1999 وكمائن طويلة الأجل 2002 وتسمية الدموع 2004 وشمس قليلة 2006 وزهو الفاعل 2009 هذه المجموعات الست منعت منها اثنتان في الأردن خزانة الأسف وزهو الفاعل هي ما يعكس الوجه الحقيقي لتجربة العناني الشعرية التي قطعت مع التجارب السائدة ويقدمه كواحد من أبرز شعراء قصيدة النثر الأردنية والعربية غير أنها ليست الوحيدة ففي تجربته أيضا مجموعة أولى فضل أن يتركها وراءه ويسقطها من مشروعه الشعري هي إرهاصات من ناعور التي أصدرها عام 1988 وتضاف إلى تجربة الشاعر الراحل مجموعة ثامنة وأخيرة صدرت بعد مرضه وضمت عشر قصائد جمعها واختارها الشاعر محمد عريقات من بين ما نشره العناني في جريدة الغد وصحف ومواقع إلكترونية مختلفة عنوان المجموعة هو جهة لا بأس بعريها وقد صدرت عن الأهلية للنشر والتوزيع عام 2017 أما القصائد التي ضمتها فهي جهة لا بأس بعريها والرسام وأنوثة الفاكهة والراقصة والأوبرج والشعراء وتلويحة الغرقى وموسوعة الألم وما لا يمكن فهمه وأرض المذنبين في حوار له مع خليل قنديل نشرته صحيفة الرياض عام 2005 تحدث زياد العناني عن تجربته مع الكتابة وانتقاله من قصيدة التفعيلة إلى قصيدة النثر قائلا لقد كنت شغوفا بصمت الكتابة وهدوئها ورحت أكتب لذاتي وذاتها ولم يدر بخلدي أنني سأصبح شاعرا كل ما في الأمر هو أن أحقق فرحي الخاص وجدتني أكتب وأنشر وكانت قصائدي في حينها تنتمي لقصيدة التفعيلة في بداية التسعينيات بدأت أنزاح إلى قصيدة النثر إلى المعنى وصرت أمقت الصوت التطريبي البحت والغنائية الباهتة ويضيف لقد كنت متلهفا جدا للفضاء وأحتفي بنزعة التجريب ولم أخف من فكرة الرواسب العالقة بين الأجناس الأدبية وكنت أفرح بالقدرات التجريدية المتوزعة في ثنايا النص وأسخر من الشتائم التي لم تفهم أو تتفهم كونية الإيقاع أما عن تصوره للقصيدة فيقول على الصعيد السياسي لم تعد القصيدة خطابا أو بيانا حزبيا يلتحق أو يلحق بالعربات السياسية حتى اللهاث كما لم تعد أغراض الشعر القديم قائمة لأنها فقدت مسوغها الحضاري القصيدة التي نكتبها الآن هي قصيدة الطاقات المؤتلفة والمختلفة التي يتشكل منها الإنسان لجوانبه الوجودية والساعية إلى التحرر من أدوات المنع ومن المكبوتات والاستنطاقات اللغوية التي تفتقر إلى المعنى الذي يقف مع الإنسان الذي أرعبته الشمس مثلما أرعبته النجوم وأرعبته النار كما أرعبته وحوش الغابة والزلزال وتكونت معظم معارفه على خلفية هذا الرعب الذي رافق البدايات الأولى إلى أن سقط في فخ الخطيئة التي علم بها متأخرا وكذلك الذنب الذي ترفض تكريسه القصيدة الحديثة المعنية بالشعر الخالص الذي يحتفي بأنسنة الكيان الكلي للإنسان الذي يمثل كامل المركز كان آخر ما نشره زياد العناني على حسابه في فيسبوك قبل إصابته بجلطة دماغية قصيدة جاء فيها البيت مازال هو البيتوالدرب ما زال هو الدربربما لم أره وهو يتغير بعد نومكولكنلا عليكإن ضاعت منك أو ضاع عنكسيدلك الحزنوتقودكيد البكاء الى جنتي في تلك الأيام أطلق الشاعر الراحل مدونة على الإنترنت باسم مدونة زياد العناني لكنه لم ينشر فيها سوى ثلاث قصائد بتواريخ 6 و12 و13 تموز يوليو 2011 حدائق الطاغية وكاهن ملح يلاعب خدر المستحمات وبترا إذ أوقفه المرض عن الكتابة والنشر كاهن ملح يلاعب خدر المستحمات 1 ماء فضيعبأته الأسطورة بالذنوبفاستوى في حفرة انهدامهباستماتةكاهن ملحيخطب ود فم مرتخ منخفض في بهائه وغاطسفي عورة الخلق المتأججة 2 لم يأت من عالم آخر ولم يتصل ببحر أو شقيق وظل وحيداكهدنة ماء بين شقي الجفاف لم يكبر قط ولم يتوسع ولم يطغ بل سخر أصل معادنه الثمينة لكل أنوثةتستحم به وهي فخورة بجرأة ذنبها 3 أعزلمن قبل ومن بعد وقيل ميت لمجرد أنه تخفف من آفات البحارولم تدر به معارك ولم تسجل فيه هزيمة أو انتصارولم يشهق بدمأو كارثة مروعة ولا هوت فيه سفينة غرقى ولا جنحت أخرى لتطلق صرخات النجاة باكية 4 هو مشدود بالماءلا ضعف ولا وهنيغسل الشمس وتغسلهفلا عجبإن راح يلاعب خدر المستحمات بأمواجه المتلذذةوهويوشوشويتحرشويلمس ويحن بدفء يستدل على أعصاب المفاتن ثم يثيرها 5 به رغبةلفضح توت الدامعات في عش الخليقةوبنا أيضابه رغبةيفصح عنها بالطين السحري وهو يتربص بالمسامات فيحيلها نوافذ يخرج منها الفساد مفتوكا به