رواية الظلام

39 مشاهدة

هل تأتي الأعمال الروائية العظيمة من الظلام الذي في داخل الروائي؟ هذا السؤال لا يني يتردد بين عصر وآخر. لا خلاف على الظلام، والأمثلة كثيرة في الأدب العالمي والعربي، الحافل بأعمال عجّت بالقهر والقمع والسوداوية والتشاؤم، والرعب، والكوارث والانهيارات. والأمثلة أكثر من أن تحصى، رواية جورج أورويل 1984، جوزف كونراد، في قلب الظلام، سولجنتسين في جناح السرطان، دوستويفسكي في ذكريات من منزل الأموات... إلخ.

ينفي أدب التفاؤل هذه السمعة عن الرواية، فما الظلام إلا من مبالغات الروائيين، عدا أن جاذبية تأسر الذين لا يرون في عالمنا سوى الخراب والعدم، إلى حد الاشتباه بأنه صناعة الأديب، وهو المسؤول عن قوة انتشاره والتهويل منه، ما دام صادراً من داخله، صنعه في عزلته، واستمده من بؤسه وتعاسته وأمراضه، أسبغها على رؤيته للحياة، بينما هي قصته وحده.

قد لا يخلو هذا الافتراض أحياناً من صحة، ذلك أن هناك من يكتب عن العذابات التي عانى منها، وعبر عنها بإحساس بالغ التأثير. هل في هذا نقطة لصالح الظلام الداخلي؟ لا، الكاتب لم يملك خياراً آخر، كتب عما يصيب الإنسان في سجنه الجسدي، فقد عانى بعض الأدباء من أمراض مستعصية وودعوا الحياة مبكرين، أو بعد عمر من الآلام، وكتبوا أروع أعمالهم سواء في عمر الشباب، أو في الشيخوخة من على فراش المرض والأوجاع.

لا يمكن حصر أعداد الأدباء الذين تسلل الظلام إلى أعمالهم

أما عن اعتبار الكاتب من صناع الظلام، على أنه إفراز من داخله، كأنه خلق مع جيناته، هذا إذا كان هناك جينات للظلام، فلن يكون إلا من نسيج روحه المعطوبة، ويمكن تصنيفه بشكل اعتباطي بأنه من الأدباء ناشري التعاسة واليأس وانعدام الرجاء.

إذا كان الظلام من حولنا ويحيط بنا، وعلى مدى النظر، فهو هذا الواقع الناجم عن طموحات البشر ومطامعهم والجشع إلى التسلط، أدى إلى تكريس الفقر والاستغلال، السجون والمحاكم، التعذيب والقتل والإبادة، الإعدامات والقبور الجماعية، الحروب والنهب، تشريد البشر، انتشار الفساد والجريمة والخيانة والأمراض والأوبئة، الدكتاتوريات، مصادرة العدالة عن العمل... هذا هو الظلام، الظلام

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح