رفاق حافظ الأسد قصص السجن والانقلاب على الحزب 6 والأخيرة
٥٧ مشاهدة
صلاح جديد الرجل القوي لم تظهر حتى الآن أية شهادة مكتوبة أو مسجلة للواء صلاح جديد 1926 1993 باستثناء رسالة إلى ابنته وفاء سربها من سجنه في رواية مذلون مهانون لدوستويفسكي التي كان يقرأها تقول الرسالة التي كتبها جديد قبل وفاته بأيام إلى أحب الناس إلي وأعز ما في الوجود إلى ابنتي الحبيبة وفاء ذكرى آلام وأيام صعبة نمر بها لعلنا نجد ترجيعها وأصداءها في هذه الرواية وكلي أمل أن يكون في وسعنا مستقبلا ترديد ما جاء في نهايتها فانيا فانيا كان هذا كله حلما أليس كذلك ما الذي كان حلما كل شيء كل شيء قد نلتقي يوما ما بدون رقابة وبدون سجن فنتحدث ونتحدث طويلا ولكن هذا حلم حلم بعيد قد لا يتحقق أبدا إذن ليس لي الآن إلا الصمت والأحلام والصمود على طريق الرسالة التي نذرت نفسي لها وسأموت من أجلها فهل سنلتقي يا وفاء على هذه الطريق 7 8 1993 أبوك صلاح كل ما وصل إلينا عن جديد هو شهادات من رفاقه وخصومه ومن الباحثين الذين تناولوا مرحلة حكمه ولعل أكثر من كتب عنه هو زوج أخته ورفيق السلاح والحزب محمود جديد الذي يصفه بأنه كان وسيما ومن دون تكلف طويل القامة بهي الطلعة ذا مهابة كبيرة نظراته أفصح من كلامه أما عضو القيادة القومية للحزب وشريك اللواء جديد في سجنه ضافي الجمعاني فكتب يصفه كان اللواء صلاح جديد شديد الوسامة قوي الذكاء جلدا على العمل طويل النفس ذا قدرة كبيرة على إخفاء نواياه يعرف كيف يتعامل مع وسطه من الرجال قادرا بشكل قل نظيره على تفريق صفوف المعادين له ذا إرادة غير عادية يفرضها على نفسه في مواجهة واقع لا يستسيغه فقد أمضى أكثر من عشرين عاما في غرفته في سجن المزة العسكري لا يخرج منها إلى الساحة العامة التي كنا نقضي فيها ساعتين ونصف الساعة للتنفس لا يخرج إلا لقضاء حاجاته الطبيعية يضيف لم يكن له تطلع إلى المركز الأول في سورية لكنه كان حريصا على أن يكون في المركز الأقوى يرى الجمعاني أن جديد كان بإمكانه أن يهزم الأسد لكنه تهيب من نتائج الصراع في الجيش واختار السجن على المواجهة ومثلما ذكرنا سابقا فإن الجمعاني وجديد تصاهرا من خلال زواج موسى ابن ضافي الجمعاني وأمل ابنة صلاح جديد وعن امتناع جديد عن التنفس سرد عضو القيادة القومية وأحد نزلاء سجن المزة مجلي النصراوين رواية أخرى تضع مسؤولية ذلك على ضافي واجهنا عام 1976 وتحديدا في الصيف أن الرفيق صلاح جديد امتنع عن الخروج إلى باحة السجن في أوقات التنفس والسبب أنه في أحد الأيام وكان الوقت عصرا وهو وقت التنفس المسائي رأيت الرفيق صلاح وهو يتمشى في منطقة محددة في الساحة يضع جهاز مذياع على حافة الجدار يدخل إلى الغرفة بصورة أثارت انتباهنا فلحقت به أسأله عن السبب قال ربما أنك لم تلاحظ أن رفيقنا ضافي يتمازح مع رئيس الحرس حيث يحاول كل منهما أن يرمي الآخر أرضا وهذه العملية فيها تماد علينا ولا ننسى أننا كنا نحكم البلد والعالم كله يحسب لنا ألف حساب ولا يجوز ذلك لأن فيه انتقاصا لهيبتنا يضيف النصراوين واصفا بعض يوميات جديد في السجن وبعض صفاته كان يمضي معظم وقته جالسا على سرير منكبا على المطالعة حيث يقضي ساعات وساعات وإذا أحس بالتعب وأراد أن يروض قدميه كان يتمشى على طول سريره فقط يمثل القائد الحزبي الفذ ويحمل القدرة على الصبر وتحمل المصاعب كان واضح الرؤية لا يغادره الفهم العلمي والتحليلي للظروف والأحداث واتخاذ الموقف الذي تتطلبه وعن وفاته في السجن كتب عضو القيادة القطرية مروان حبش في مقال له بعنوان ما يقارب ربع قرن في المعتقل لم يكن يعاني إلا من الروماتيزم في المفاصل وبعض الالتهابات المزمنة في المعدة والقولون وفي المعتقل ليلة الأربعاء الخميس 11 12 آب أغسطس 1993 بعد حوالي 12 ساعة فقط من شعوره بتوعك في صحته نقل بعد ست ساعات من المعتقل إلى مستشفى المزة العسكري ولم يلق هناك أية رعاية أو اهتمام ولما ازداد وضعه سوءا تقرر نقله النقل يحتاج إلى موافقة من أعلى مسؤول في السلطة حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل إلى مستشفى تشرين العسكري ولما وصل بعض الأطباء المختصين في حوالي الساعة الثالثة صباحا كان يلفظ أنفاسه الأخيرة وصدر عن إدارة المستشفى تقرير حدد أسباب الوفاة بـ هبوط دوراني أدى إلى قصور كلوي وهذا أدى إلى إنتان في الدم يجيب مروان حبش عن سؤالي عن تفرد جديد بالقرار خلال حقبة 23 شباط فبراير كان المرحوم اللواء جديد ديمقراطيا في اجتماعات القيادة وكان يلتزم بقراراتها وأهم حدثين يدلان على ذلك وكان يمكن أن يغيرا تاريخ سورية الأول عندما طرح اللواء تغيير قيادة الجيش بعد هزيمة حزيران يونيو 1967 وسقط القرار بفارق صوت واحد والتزم اللواء بالقرار والثاني خلال محاكمة سليم حاطوم على عصيانه في الثامن من أيلول سبتمبر 1966 وبعد أن عاد لسورية وسجن وحكمت المحكمة العسكرية الاستثنائية برئاسة مصطفى طلاس عليه وعلى رفيقه بدر جمعة بالإعدام طلب حافظ الأسد من اللواء جديد بصفته الأمين العام المساعد عقد اجتماع للقيادة في الليل لتنفيذ أحكام الإعدام فورا بحق المتهمين لم يكن اللواء صلاح من الموافقين على تنفيذ الإعدام فورا ولكنه التزم أيضا بقرار الاجتماع ونفذ الإعدام في صباح 26 حزيران عام 1967 الرئيس نور الدين الأتاسي حاول الأسد استمالة نور الدين الأتاسي 1929 1992 بعد اعتقاله جديد وقبل إعلان انقلابه ولم يقبل الأتاسي التعاون معه مشترطا عليه إطلاق سراح أعضاء القيادة الذين اعتقلهم والقبول بقرارات المؤتمر القومي العاشر الاستثنائي مع إيجاد تسوية فيما يخص توقيت التنفيذ فكان رد الأسد زج الأتاسي في سجن المزة سمح الأسد للأتاسي بالإقامة بعد عام 1980 ستة أشهر في الاستراحة التي خصصت لمن يريد النزول إليها من أعضاء القيادة للاجتماع بعائلاتهم وأرسل له محمد الخولي مدير المخابرات الجوية حينها للتفاوض معه على إطلاق سراح القيادة السجينة مقابل تأييدهم للنظام في صراعه مع الإخوان المسلمين وكانت إجابة الرفاق نخرج أولا ثم نرى أصيب الأتاسي بنوبة قلبية في سجن المزة وطلب رفاقه إسعافه فورا وحسب شهادة مجلي النصراوين لم يتم إسعاف الأتاسي للمشفى إلا بعد 24 ساعة بعد إصابته بنوبة قلبية بل أحضر له السجانون طبيب أسنان أولا واكتشفوا في المشفى إصابته بسرطان المريء وبعد ثلاثة أشهر تقريبا من مكوثه في المشفى وبعد أن عرفوا أنه لن يعيش طويلا وأن حالته الصحية أصبحت ميؤوسا منها أخرجوه من السجن وبقي ثلاثة أشهر وعائلته تطلب إعطاءه جواز سفر من أجل علاجه في الخارج وبعد مماطلة حصلوا على جواز السفر ونقلوه إلى المستشفى الأميركي في فرنسا وهناك فحصوه وأخبروا زوجته أن المرض قد انتشر في الكبد ولو أنهم أحضروه قبل شهر لكان هناك أمل في إنقاذ حياته رئيس الوزراء يوسف زعين نشر الصحافي المصري إلهامي المليجي ما قال عنه مذكرات رئيس الوزراء الأسبق يوسف زعين 1931 2016 والذي التقاه في بودابست عاصمة المجر ولم أجد أي تأكيد أن ما نشره موثق لزعين كتب مروان حبش في مقاله قرابة ربع قرن في المعتقل أن ابنة الدكتور يوسف زعين طلبت من والدها في إحدى الزيارات عام 1980 أن يأذن لها بعقد قرانها وتمنت لو كان باستطاعته مشاركتها تلك المناسبة وسجل المراقب في تقريره ما سمع وفعلا كان زعين أول من أقام في الاستراحة مدة أسبوع وتم زفاف ابنته فيها وقد قابل الأسد الذي أخبره أنه يعتزم إطلاق سراح الرفاق قريبا قابل الأسد زعين ولاحقا قابل عضو القيادة القطرية محمد رباح الطويل الذي أفرج عنه قبل أشهر قليلة من وفاته عام 1992 كما قابل مروان حبش وعادل نعيسة وأخبرهما أنه فعل ما فعل استباقا لما قد يفعلونه معه أفرج الأسد عن زعين عام 1981 بسبب إصابته بالسرطان وعولج الرجل وتعافى مما جعل حافظ الأسد يقول إن إطلاق سراح زعين خطأ لن يتكرر محمد عيد عشاوي وزير الداخلية المتجهم يصف مجلي النصراوين وزير الداخلية الأسبق محمد عيد عشاوي الذي شاركه الزنزانة لقد كان الرفيق عشاوي واحدا من مراكز القوة في السلطة وقد شمله قرار تغيير مراكز القوة فغادر وزارة الداخلية واستلم حقيبة الخارجية ثم انتقل إلى ميدان العمل الفدائي الصمت هو طبيعة الرفيق عشاوي قليل التشكي علما أنه يعاني من مسائل كثيرة تتجلى بنهمه في التدخين والضغط على السيجارة بين شفتيه وبين إصبعيه وطريقة نفث الدخان إلا أنه في حالة النوم ينطلق ذلك الصوت المزعج حيث تعالي الشخير وتوالي الكوابيس وتنطلق صرخاته فيما يصف ضافي الجمعاني الرفيق أبو وسمة خلال مشاركته بقيادة العمل الفدائي في أغوار الأردن بـ الشجاعة والقدرة على قيادة الرجال وكان القطاع الأوسط أكثر القطاعات فاعلية تحت قيادته مات عشاوي غرقا في نهر الفرات بعد إطلاق سراحه وهو يحاول إنقاذ أحدهم من الغرق أحمد السويداني رئيس الأركان الغاضب استقال السويداني في فبراير شباط 1968 وحل محله مصطفى طلاس رئيسا للأركان وقد ذكر حافظ الأسد خلال مداخلته الطويلة في المؤتمر القومي العاشر الاستثنائي كما ترد في كتابي مصطفى طلاس ومحمد حيدر بأنه السويداني كان غاضبا من القيادة وغالبا ما يصفهم بأسوأ النعوت ويهددهم بإطلاق الرصاص يؤكد مروان حبش أن هذه الرواية غير صحيحة وأنه كان يحترم رفاقه خلال تسلمه رئاسة الأركان وبعدها وفي السجن وخارجه رغم أنه ينفعل بسرعة ولكنه طيب القلب ويسرد تفاصيل ما حدث له بعد محاولته الفاشلة تنظيم تمرد في أغسطس آب 1968 هرب إلى العراق واستقبله الرئيس أحمد حسن البكر ثم طلب من الرئيس نور الدين الأتاسي السماح بالعودة فطلب الأتاسي منه التريث بسبب الصراع مع وزير الدفاع وعدم القدرة على حمايته ومع ذلك عاد السويداني فاعتقله الاسد ولما سئل الأسد عن سبب اعتقاله أجاب بأنه عسكري فار ولا سيما أنه لم يتبين أية علاقة للسويداني مع التنظيم العسكري الموالي للعراق ومنهم حسين زيدان وجلال مرهج ينقل عنه ضافي الجمعاني عندما كانا معا في سجن المزة ما يلي تسلمت قيادة الجبهة فور وقوع الحرب بأمر من وزير الدفاع الفريق حافظ الأسد وحسب الخطة المعدة لمثل تلك الحالة أعطيت الأوامر والتعليمات إلى الوحدات العسكرية ذات الوجبات أن تأخذ مواقعها إلا أن أي أوامر لم تنفذ ولم تقم أي من الوحدات بواجباتها المحددة حسب الخطة ولذلك لم نستطع أن نقوم بأية مبادرة هجومية الثمن الغالي اتصلت بقيادي بعثي سجن لحوالى 23 عاما لتسجيل شهادته ففضل عدم ذكر اسمه وعدم الخوض في تفاصيل العلاقة والخلاف مع نظام حافظ الأسد لأن ما يشغل عقله الآن هو ما يجري في غزة وأكد أن ما يحصل الآن على صعيد القضية الفلسطينية ليس منفصلا عما حدث في مرحلتهم فـجوهر الخلاف والصراع والثمن الذي دفعناه سببه الموقف من القضية الفلسطينية تحديدا كانت لنا مساهمة في تصور شكل المواجهة مع إسرائيل ولم نكن لنقوم بحركة 23 شباط فبراير لولا أننا اتفقنا على استراتيجية جديدة لمواجهة الكيان الصهيوني كنا نعرف أنه من الصعب تحقيق توازن استراتيجي مع إسرائيل حيث كنا نشتري الأسلحة من بلدان الكتلة الشرقية لنكتشف أنها أسلحة ليست متطورة بالقدر الكافي وبعد سنوات ننسقها ونشتري غيرها وهكذا يضيف محدثي كان الحل بالنسبة لنا هو فكرة الحرب الشعبية طويلة الأمد لأننا كنا نعي أن المواجهة مع إسرائيل لن تنتهي بالضربة القاضية وإنما بجعل الوضع في إسرائيل قلقا ومضطربا وبالتالي نحول الكيان إلى عبء على الغرب بدل أن يكون أداة قوة كانت هناك فرص للنجاح ولكن للأسف كنا مخترقين أشار ضيفي إلى أن القيادات البعثية السجينة في المزة اتفقت فيما بينها على تسجيل تفاصيل مرحلة 23 شباط ولكن حصلت اعتراضات حالت دون ذلك يختم حديثه بالقول إن حزب البعث الذي حكم سورية والعراق ليس بحزب البعث وإنما هو حزب حافظ الأسد الذي طرح شعار قائد المسيرة وحزب صدام حسين الذي تبنى شعار القائد الضرورة