رصيف غزة إذ يبتلعه البحر

١٦٦ مشاهدة
في رسالة قدرية لها معناها جرفت مياه البحر المتوسط جزءا من الرصيف البحري الذي بنته الولايات المتحدة في ساحل غزة كما لو كان البحر يقول لمن يهمه الأمر إن ذلك الميناء المؤقت لم يولد لكي يستمر وإنما سيبتلعه المتوسط تحت مياهه عاجلا أو آجلا تناولت هذه الزاوية الأسبوع الماضي ما يعنيه هذا المشروع الأميركي الجديد من بداية احتلال مباشر لأرض غزة وينطوي هذا التوجه الاستعماري التقليدي على مخاطر تتربص بالقضية الفلسطينية وأصحابها قد تكون أخطر بكثير من الشكل المادي للاحتلال فالهدف من بناء رصيف بحري أو ميناء مؤقت ليس بالتأكيد إدخال المساعدات إلى القطاع وحتى في هذه الحالة فإن تدفق القوات ممكن وميسور عبر إسرائيل نفسها وربما عبر الأردن أيضا الأمر أخطر من ذلك فكما سيكون ذلك الميناء بوابة عبور للمساعدات والبضائع إلى الداخل سيكون أيضا بوابة عبور إلى الخارج للفلسطينيين وعائلاتهم وممتلكاتهم مما يسهل حمله ويغلو ثمنه ليس سرا أن إدارة جو بايدن وحكومة نتنياهو رغم الخلافات الحادة بينهما سياسيا وشخصيا تتفقان في ضرورة مواجهة الكارثة التي حلت بإسرائيل في 7 أكتوبر 2023 بشكل نهائي وجذري وإذا كان نتنياهو يتمنى قتل الفلسطينيين جميعا بدم بارد فإن بايدن لا يقر هذا الحل ليس حبا بالفلسطينيين ولا إنسانية منه بل لأنه في عام انتخابات الرئاسة إذ تحذره قياسات الرأي العام وتحركات طلبة الجامعات ضد ما يجري للفلسطينيين بشدة من الانسياق وراء الانحياز المطلق إلى جانب إسرائيل إضافة إلى تصاعد موجة الغضب العالمي من إسرائيل وامتدادها حتى إلى الكيانات القانونية الدولية مثل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية وبالتالي فإن العودة إلى سياسة الإبعاد التي كانت متبعة جزئيا في التسعينيات تقدم حلا سحريا يرضي نتنياهو ويجنب بايدن الحرج ولما كانت مصر تمتنع عن المشاركة في هذا المخطط عبر معبر رفح فلا غضاضة من إيجاد منفذ آخر لا سيطرة للقاهرة عليه وحينئذ لن يذهب من الفلسطينيين إلى معبر رفح سوى من يريد قاصدا الدخول إلى مصر وليس مجرد الخروج من غزة وفي هذه الحالة لعل العقل السياسي الإسرائيلي الأميركي يقول فلينعم هؤلاء بمصر ولتنعم بهم وبالتأكيد لن يكون التهجير صريحا فجا وإنما سيتم بنعومة تظهره كما لو كان اختياريا عبر التلاعب بورقة إعمار القطاع الذي تهدم كله تقريبا واستخدام ضعف البنية التحتية ودمار المرافق الخدمية في الضغط المباشر على فلسطينيي غزة وإغرائهم في المقابل بفرص عمل وإقامة وحياة آمنة في بلاد أخرى من العالم أي تهجير قسري بغلاف طوعي ثمة أهداف أخرى للرصيف الذي جرفت مياه البحر الأبيض المتوسط جزءا منه قبل أيام من أهمها تأسيس قاعدة عسكرية أميركية في منطقة وسط بين ليبيا في الغرب حيث وجود تركي ومحاولات روسية للتمركز هناك وسورية في الشرق حيث توجد موسكو عسكريا وبدلا من استخدام مدن أو مناطق إسرائيلية ساحلية لتدشين الوجود العسكري الأميركي سيوفر التمركز في غزة حماية إضافية لإسرائيل ويجنبها أي مخاطر أمنية محتملة ستكون في غزة من نصيب الفلسطينيين وحدهم ولا يمكن فصل هذه المخططات عن مستقبل غزة والقضية الفلسطينية ككل لن تغامر واشنطن بوضع جنودها في مرمى نيران المقاومة الفلسطينية أو غيرهم ولذا فإن إدارة القطاع مستقبلا ستكون محل نقاش مكثف مع كل الأطراف المعنية على الفور بعد أن كانت محل تحضيرات ونقاشات داخلية مطولة في أروقة الإدارة الأميركية وأجهزة الأمن القومي ووزارة الخارجية وفي هذا حديث آخر

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح