رسالة من الرياض تضع الشرعية أمام إختبار صعب

أعلن البنك المركزي اليمني في عدن، في اجتماعه الأخير برئاسة المحافظ أحمد غالب المعبقي، تقديره للدعم المالي السعودي الذي جاء في ظرف استثنائي يعيشه اليمن على المستويين الاقتصادي والسياسي. المجلس شدد على أن هذا الدعم يمثل رافعة أساسية لتأمين المرتبات والخدمات الأساسية، وتوفير متنفس مؤقت أمام الحكومة اليمنية لمواصلة الإصلاحات الهيكلية لمعالجة الاختلالات وتحقيق الاستدامة المالية، كما ناقش الاستعدادات للجولة الأولى من المشاورات مع صندوق النقد الدولي في عمّان، وهي جولة يتوقف عليها مستقبل السياسات المالية والاقتصادية في المدى المنظور.
اللافت في الدعم الجديد المعلن عنه من قبل الرياض بقيمة 368 مليون دولار، أنه لم يُقدَّم كوديعة مباشرة في البنك المركزي كما كان معتاداً في المرات السابقة، بل جرى تمريره عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن (SPDRY)؛ فهذه الآلية لم تأتِ اعتباطاً، وإنما تحمل رسائل سياسية واقتصادية واضحة، وفق ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي وحيد الفودعي، الذي اعتبر أن الرياض تسعى إلى ضبط مسارات الصرف وتفادي أي تسرب أو عبث في الأموال، مع تخصيصها لبنود محددة مثل دعم الموازنة العامة، توفير المشتقات النفطية، ودعم مستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن عبر الدعم السعودي بمنحة 368 مليون لليمن عبر SPDRY.
هذه الخطوة تعكس في العمق توجهاً سعودياً لممارسة ما يمكن تسميته بـالوصاية المالية الإيجابية، إذ لم يعد الدعم السعودي مفتوحاً بلا شروط، بل أصبح مرتبطاً بالإصلاحات والحوكمة الرشيدة. الرسالة هنا واضحة ان المملكة لا تزال ترى في الشرعية اليمنية شريكها الأساسي، لكنها لم تعد على استعداد لتكرار تجارب سابقة أهدرت فيها المنح والودائع دون نتائج ملموسة.
على المستوى الاقتصادي المباشر، يمكن القول إن أثر هذه المنحة سيكون آنياً ونفسياً في البداية، عبر تهدئة الأسواق والحد من المضاربات في العملة، غير أن الأثر الحقيقي سيظهر فقط إذا تمكنت الحكومة من استغلال الأموال في دعم الاستيراد وتوفير الوقود. وهنا تكمن المعضلة فالمنحة ليست حلاً جذرياً بل رافعة استقرار مؤقتة، سرعان ما ستفقد أثرها إذا لم تقترن بإصلاحات هيكلية وإجراءات صارمة تعيد الثقة
ارسال الخبر الى: