رسائل آل فيتغنشتاين الفيلسوف من منظور العائلة
تعدّ عائلة فيتغنشتاين واحدة من أبرز العائلات في النمسا في بداية القرن العشرين، ليس لمكانتها الاجتماعية والاقتصادية فحسب، إنما لدور أفرادها المؤثر في الثقافة والفلسفة. وعلى الرغم من أن اسمها يقترن بشكل رئيسي بالفيلسوف لودفيغ فيتغنشتاين، فإن الكتاب الجديد آل فيتغنشتاين: عائلة في رسائل (منشورات أكانتيلادو، 2025)، بترجمة للإسبانية أنجزها إيزيدور ريغيرا، يقدم فرصةً للاطلاع على جوانب أخرى من حياة هذه العائلة، بما في ذلك التوترات الأسرية، والعلاقات المعقدة بين أفرادها، وتأثير الفلسفة عليهم.
عزلة داخلية
عُرف لودفيغ فيتغنشتاين بتوجهه العقلي المتطرف بعزلته ورفضه التدخل في شؤون الحياة الاجتماعية، غير أن الكتاب يطرح صورة أخرى عنه؛ صورة شخص احتفظ بعلاقات قوية مع أفراد عائلته، لا سيما مع إخوته، إذ أظهرت رسائله لهم جانباً إنسانياً دافئاً، فكان يتعامل معهم بمودة كبيرة. لودفيغ الذي كان يناقش في هذه الرسائل أفكاره الفلسفية غالباً حول اللغة والعقل، ظل مرتبطاً بأسرته، يأخذ منهم بعض الدعم العاطفي الذي كان أحياناً في أمسّ الحاجة إليه.
احتفظ لودفيغ بعلاقات قوية مع أفراد عائلته رغم عزلته
نشأت عائلة فيتغنشتاين في فيينا في أواخر القرن التاسع عشر، في بيئة اجتماعية اقتصادية مرموقة، حيث كان والدهم كارل فيتغنشتاين من أبرز رجال الأعمال في صناعة الفولاذ. تمتع الأبناء بثروة ضخمة، لكنهم عاشوا أيضاً في ظلّ تعليم صارم ومرتبط بمبادئ الكفاءة العالية في الحياة العملية والفكرية، وكان الأب معروفاً بتربيته المتشددة التي تهدف إلى تنشئة أفراد مستقلين قادرين على النجاح وتعليمهم الانضباط الذاتي، وكانت الفنون والموسيقى على وجه الخصوص جزءاً أساسياً من التربية التي كانت مليئة بالصراعات النفسية كذلك.
بدورها، شُغفت الأم ليوبولدين فيتغنشتاين بالموسيقى، ما جعل أفراد العائلة ينشأون في بيئة غنية بالفنون، فكان الأخ بول فيتغنشتاين موسيقياً موهوباً، ولم يحل فقدانه إحدى ذراعيه في الحرب العالمية الأولى دون الاستمرار في مسيرته الفنية، وتميّزت علاقته بلودفيغ بالعفوية، حيث زاره بول بعد تعيينه مدرساً في إحدى القرى الألمانية، وفي جيبه كتاب أراد قراءته لأخيه. ومارس الإخوة
ارسال الخبر الى: