ثلاثون عاما على رحيل والدي بطل في زمن النضال كتب محمد علي محمد احمد

في صباح يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1415هـ، الموافق الرابع والعشرين من فبراير 1995م، رحل عن عالمنا والدي العزيز تاركاً في قلوبنا حزناً عميقاً وفراغاً لا يملأه شيء.
مرت ثلاثون عاماً على ذلكم اليوم الحزين، وما زالت ذكراه حية في قلوبنا، وصورته حاضرة في مخيلتنا ، لم يكن والدي رحمه الله مجرد أب حنون وحسب ، بل كان بطلاً من أبطال الوطن، خدم بلاده بكل شرف وأمانة، وأخلص لترابها بكل ما أوتي من قوة.
ولم ندرك ونحن صغاراً مواقفه البطولية في ذلك الوقت، ولكن شهادات من عاصروه كشفت لنا عن رجلٍ صلب، شارك إخوانه الفدائيين في الدفاع عن الوطن، وتصدى للمستعمر ببسالة وشجاعة.
كان من أوائل الذين حملوا السلاح وشاركوا في العمل الفدائي مع رفاقه الأبطال الذين توفي أكثرهم ومن بقي منهم إما مريضاً مهملاً دون رعاية واهتمام، وإما بلا عمل و يعيش على معاش حقير بالكاد يكفيه لأيام معدودة و إن مرض يتوارى في مسكنه حتى تأتي ساعة أجله، حال مؤسف ومؤلم، وذلك هو حال الرجال الشرفاء.
تعرض والدي في فترة الكفاح المسلح للاعتقال والتعذيب، ولكنه ظل صامداً لم تلن عزيمته، ولم ينكسر إيمانه بعدالة قضيته، حتى في ظل إصابته واصل النضال من أجل تحرير وطنه ولم يتوانَ لحظة عن أداء واجبه، وبالرغم من كل تلك التضحيات، عاش بقية عمره مواطناً محبوباً متواضعاً، يسكن بيتاً شعبياً بسيطاً جداً ، ولم يسعَ يوماً إلى منصب أو جاه وإن كان مستحقاً ، بل كان يكافح من أجل توفير لقمة العيش لنا وجراحه تنزف و أمام كل المغريات الامتيازات التي عُرضت عليه قابلها بالرفض ، وآثر أن يعيش بعزة وشموخ على فقره وآلمه، دون أن يتنازل عن مبادئه وقيمه، وحتى في مرضه العضال الذي كان سبباً لوفاته ، لم يطرق باب مسؤول، ولم يطلب مساعدة من أحد، بل ظل صامداً مكافحاً إلى أن لقي ربه عزيزاً كريماً شريفاً.
في الذكرى الثلاثين لرحيله، نستذكر بكل فخر واعتزاز سيرة والدي
ارسال الخبر الى: