رحلة إلى منطقة الرقو حيث تتقاطع الحياة مع الموت

يمنات
أحمد الولي
كانت الساعة تشير الى الواحدة ظهراً حين وصلت الى منطقة الرقو الحدودية مع السعودية.
الطريق نحو هذه المنطقة المعزولة محفوف بالعديد من المخاطر، فهو طريق تزدهر فيه تجارة البشر والحشيش والقات، والجريمة ايضاً.
في الساعة الخامسة صباحاً مطلع العام 2023 تحركت من مدينة صعدة، وعلى مسافة امتدت لأكثر من سبع ساعات على متن سيارة دفع رباعي موديل 2017، وصلنا الى الحدود اليمنية السعودية تحديداً منطقة الرقو .
لدى السائق وهو شاب عشريني يتميز بضحكة خشنة، وصمت القبور, قدرة على حفظ الطريق الفرعي عن ظهر قلب، لكن معرفته لم تُخفف من رهبة الرحلة. أكثر من 200 كيلومتر بلا محطات أو بقالات، او بيوت ، فقط جبال جرداء وسماء تنذر بالاختناق.
جلست بجانب السائق، وبعد تجاوز عدة نقاط تفتيش تابعة للجماعة، استبدل الزوامل بأغنية بدوية وحيدة، تكررت كصدى في وادٍ سحيق: “عيد وأنا باعيد في الفرقة وضعي جيد”.
الأغنية التي لم تتغير طوال 14 ساعة، تحولت إلى لعنةٍ موسيقية. شعرت برغبة عارمة في تحطيم المسجلة، لكنني كبحتُ جماح غضبي، وبدأت أتخيل مشوار الفنان الصعب لإنتاجها. تعاطفت معه، ووجدتني أستسلم للأغنية التي اخترقت ذهني بلا استئذان.
وانت تسمع التكرار اللانهائي للأغنية تشعر وكأنك احد المستنسخين ، الذين يتم استخدامهم كقطع غيار للبشر الأثرياء في فيلم “The Island” .
واصلنا السير ، ولم يعق تقدمنا سوى حجر كبير وقع في منتصف الطريق وكان علينا أن نترجل لدفعها على الحافة. ثم استأنفنا السير .
بقينا نسير ساعات وساعات ما بين الاودية والجبال الشاهقة ما إن يختفي جبل حتى يظهر آخر. وكأنها حراس صامتون لهذا الطريق.
وبسبب سرعة السائق الجنونية كنت اتقلب كحبة بازلا على مقلاة، لم استقر ولو للحظة ، وبعد أن وصلت شعرت انني بحاجة إلى شي ما يشبه إعادة ضبط المصنع. لأعيد ضبط وضع جسدي.
حين وطئت قدماي منطقة الرقو، استقبلتني رائحةٌ نفاذة، كأنها أنفاس مقبرةٍ جماعية. حرارة جافة تقارب 40 درجة مئوية، وعشوائياتٌ تنسحب على مد البصر، دكاكين من
ارسال الخبر الى: