رجل الدكان 10 فضلا أعد لي طفولتي

62 مشاهدة
اخبار اليمن الان الحدث اليوم عاجل

يمنات

زايد ناجي

منذ أن بدأت أعي، في السابعة، الثامنة، التاسعة؛ لا أدري بالتحديد، لكني أعلم أن في أول صفحات ذاكرتي حكايات ومواقف لا تنتهي، فيها والدتي تتذمر من كوننا لا نملك دارًا، أمرٌ عنى – برأيها – فشلنا، وبالتالي أدنى الدرجات في هرم المجتمع، وعنى أيضًا سخطًا وغضبًا كبيرًا نحو والدي الغائب الحاضر، الذي لم يكن يمتلك – برأي الكثيرين – القدر الكافي من جينات الطمع ليترجم غربته في بلاد “الأنكل سام” إلى دارٍ فسيح وسيارة فارهة وما يلفت الانتباه. غير أن المسافة حَمَتْه – إلى حد ما – من ذلك الشرر المتطاير، والتذمر الذي كثيرًا ما تحوّل إلى هدايا غير مرغوبة تُسلَّم مرة بالأيادي، وأخرى بالأقدام، وكثيرًا عبر قواعد الأكواب السميكة. فعلى عكس والدي، لم يكن لديَّ وإخواني صحارى وقارات، جبال وغابات، بحار ومحيطات، تحمينا من تبعات مخاوف تلك المسكينة، التي جلُّ ما كانت تتمناه هو بيت يحميها وصغارها من تقلبات الدنيا وسواد الأرواح.

لا أعرف متى بالضبط، لكن المؤكد أني كنتُ على بُعد سنوات من البلوغ، والآلاف من صنفها الضوئي لأكون مؤهَّلًا لحمل همٍّ بذلك الثقل؛ همّ شراء بيت. أردتُ أن أفرح أمي، أردتُ أن أنهي التذمر، أردتُ ألّا أسمع عبارة: (إذا قدّك في بيت أبوك، كُن العب!)
سافرت إلى أمريكا وأنا في الثالثة عشرة، واعدًا والدتي ببناء منزل.

لفترة قريبة، كانت هجرة الصغار من الأولاد في مجتمعنا أشبه بالظاهرة؛ فما إن كان الواحد منا يستطيع إلباس نفسه والذهاب إلى المدرسة بمفرده، إلا وأتت مخالب الغربة تناديه. فالمصروف لا بد أن يُرسل، والبيوت لا بد أن تُعمّر، والمستقبلات وجب بناؤها، والآباء – الذين هم الآخرون سُلبوا طفولتهم – بدأت كواهلهم تشكو، والحاجة للعون تنامت. فبعد وصولي بسنتين، إذا بأخي الأوسط يصل هو الآخر قبل أن يبرز شاربه، ثم ليست إلا سنوات قليلة، وإذا بأخينا الأصغر، الذي تركناه طفلًا، يحضر ومعه حِمل من الهموم، كل كتب المختصين تقول بأنها ستهده، وربما فعلت. وليت الأمر اقتصر على أسرتنا.

الإجبار

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع يمنات لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح