ذاكرتي مليئة بالأشباح الكاميرا مساحة للتأمل

41 مشاهدة

من جديد، ها أنا في حمص، مدينتي القديمة. عائدٌ لئلا ينال النسيان منّي. لأصنع لنفسي ذاكرة ممّا تبقى، فتملأ الأشباح ذاكرتي. يستهلّ أنس الزواهري فيلمه بهذه العبارة، التي تكاد تُلخّص عملاً يرثي من ذهبَ ومن بَقي.

الزواهري مخرج ومنتج مستقل. فلسطيني سوري مقيم في دمشق، وأستاذ مادة السينما في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق. عبر ذاكرتي مليئة بالأشباح (2023)، المشارك في الدورة 20 (9 ـ 19 سبتمبر/أيلول 2025) لشاشات الواقع (متروبوليس بيروت)، يُسلّط الضوء على حياة أبناء المدينة، العائدين إليها بعد التهجير والقصف والدمار، فيروي كل منهم قصته المليئة بالرعب والمآسي.

الفيلم عن مدينة حمص، وحال أبنائها بعد عودتهم إليها، والعلاقة التي تجمعهم بها. بالسرد، تتشارك الشخصيات قصصها وأوجاعها، فنتَعرّف إليها من خلال أصواتها، وإلى المدينة، وإلى ما أبقت الحرب منها. يُدخِلنا في حالة تأمّل. نحدّق بالوجوه وعيون أهل المدينة، الذين يتعايشون مع ركام المنازل كأنه جزء منهم.

تقول إحدى الشخصيات، عندما تُسأل عن اختيار المتحدثين، إنهم هم الذين تقدموا وتطوعوا لسرد قصصهم. في هذه المعلومة، دلالة على حاجة الناس إلى مشاركة وجعها مع الآخرين، وإلى التواصل. لا شكّ أن القصص وانتقاءها، وطريقة سردها على لسان الشخصيات، شديدة الأهمية والتأثير، لكن بعض الأحاديث يُمكن أن تكون محبوكة بطريقة أفضل، ليس لافتعال التأثير بالمشاهد، بل للخروج من بعض الكليشيهات في الحديث. تنظر شخصيات مباشرة في العدسة، كأنها تلقي عن كاهلها ثقل قصصها. لحظات الاشتباك الحيّ المباشر بين الكاميرا والشخصيات رفعت من جرأة الفيلم، ولعلّها أنقذته من الرمادية التي تسوده.

اللغة الإخراجية اعتمدت على التناقضات الحياتية، فصوّر الزواهري مشاهد الدمار بكاميرا ثابتة توحي بالسكينة، بينما تروي الشخصيات أقسى اللحظات التي مرّت عليها. اختارَ أن يكون هناك تضاد بين الصوت والصورة في بعض المواضع، ما يعكس حالة الشخصيات وعلاقتها بالمدينة: تضاد بين حب الشخصيات/ الناس لها، واستيائهم منها.

تُعيد الصورة فيه تشكيل إدراكنا لمفهوم الثابت والمتحوّل، باعتبار الثوابت تخضع للمتحرك فيها، نسبة إلى قواعد الجدل، فيفتح الفيلم بالصورة والصوت إمكانية تحوّل الثابت

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح