ديمومة هو العنوان الذي اختارته الفنانة الأردنية ليلى دمشقية لمعرضها الذي افتتح في غاليري جاكارندا إيميجز بعمان في السابع عشر من تشرين الثاني نوفمبر الماضي ويتواصل حتى الرابع عشر من كانون الأول ديسمبر الجاري في محاولة تختبر بها قدرة الأعمال التي نفذتها ضمن تقنية الطباعة متعددة الطبقات على قراءة معنى الوجود الإنساني حيث تتقارب الضديات وتندغم معا الاستقرار والحركة التوتر والهدوء الانسجام والتنافر وفقا لما جاء في تقديم المعرض تعبر دمشقية في ديمومة عن أطوار التجربة الإنسانية متسائلة عن كيفية إرساء نظام في عالم تسوده فوضى لا متناهية وانطلاقا من هذا الفهم تنتقل إلى الوقوف عند معنى الحضارة وتجلياتها فتراها مجرد تعبير عن حالة من الصراع الدائم كما تستعين الفنانة بالشكل الكروي بوصفه استعارة بصرية ترمز في تناسقها الظاهري إلى الوحدة والاستقرار والسيطرة فيما يفسح الضوء الذي يلتف حول تلك الكرات المجال لإظهار مدى تقوسها واضطرابها حيث الأقواس تمثل شظايا من كيانات أكبر كرات مطبوعة من وحي هيئة الأرض تتكرر مرارا دون أن تتطابق من جهة أخرى يحضر التفاعل القوي بين الظل والضوء في تفاصيل الأعمال المعروضة ويظهرها وفقا لحالة تضاد دائم وهو بطبيعة الحال ليس ذلك التضاد التدميري بل التوليف والتعاقب الذي يحفظ الديمومة إنه ربما تلك الكرة التي نعيش فوقها وتؤوينا أو فيه شيء منها وبهذا تكون تقنية الطباعة الأحادية حالة من التوتر بين النظام والاختلالات التي يحتويها وعلى الرغم من أن كل طبعة نشأت من الحركة الدائرية نفسها إلا أن التطابق بين هذه الكرات غير موجود بل يأخذ أنماطا متكررة ومتسقة ولكنها أيضا متنوعة إلى ما لا نهاية لتشكل في نهاية المطاف إيقاعات مألوفة تكتنفها العشوائية لا يمكن النظر إلى ديمومة بمعزل عن ما بين الثنايا المعرض الذي أقامته دمشقية العام الماضي وفيه تأسيس أولي لقراءة الوجود بصريا من خلال لعبة الظلال التي ينسجم فيها الأبيض والأسود بوصفهما المثال الأبرز لمقولة التضاد عبر التاريخ وهذا ما سبق أن أكدته الفنانة في أحد اللقاءات السابقة معها واصفة دور الفن في تعيين الفوضى الداخلية في حياة الإنسان نحاول الإجابة عن الأسئلة التي تراودنا وفهم التغيير والتحول الذي يجتاحنا وتعريفه بل والتحكم به كل شيء متغير هذه هي الحقيقة المطلقة التي تبدو ثابتة على مر العصور والوحيدة التي يمكن لنا اعتناقها كي نتمكن من خوض غمار الحياة درست ليلى دمشقية الفنون الجميلة في الجامعة الأردنية في عمان وشاركت في عدد من المعارض الجماعية المحلية منها والعالمية في تركيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا والبرازيل إلى جانب عملها أستاذة في كينغز أكاديمي في مدينة مأدبا لما يقرب من سبع سنوات نظمت وشاركت في ورش عمل استهدفت شرائح مختلفة من طلاب الفنون