دروس طوفان الأقصى القوة الإسرائيلية ليست قدرا
علي حيدر – وما يسطرون|
لم تكن عملية «طوفان الأقصى» مجرّد معركة عابرة في جدول زمني للصراع؛ بل مثّلت حدثاً غيّر مسار الحضور السياسي والرمزي للقضية الفلسطينية، وأطلق ديناميات تركت تداعياتها على مجمل الساحات الإسرائيلية والفلسطينية والإقليمية والعالمية. فبعد عقود من الجهود الممنهجة لدفع هذه القضيّة إلى هامش الانشغال الإقليمي والدولي، واحتوائها ضمن منطق «الأمر الواقع»، أظهرت عملية السابع من أكتوبر أن تلك المخطّطات لم تكن سوى قشرة هشّة أمام نَفَس تحرّري يجمع بين الإرادة والتخطيط. وهكذا، تحوّلت فلسطين من قضيّة يُفترض أنها قابلة للإدارة، إلى محور جذب وصراع يلاحق قرارات العواصم الكبرى.
وما بدا قبل «الطوفان» كعامل طمأنة لمؤسسات العدو، إلى أن الفلسطينيين باتوا إشكالية يمكن التعايش معها، انهار أمام الحدث الكبير. فلم تَعُد مقاربات سابقة تعتبر القضيّة مجرد «مصدر إزعاج» أو «مشكلة تُدار يومياً»، قابلة للحياة في مرحلة ما بعد «الطوفان»، الذي أثبت أن تغيير المعادلات على الأرض لا يحتاج بالضرورة إلى بنى عسكرية تقليدية، وأن الإيمان بالقضية والاجتهاد انطلاقاً من هذا الإيمان كفيلان بتحقيق نتائج تتجاوز توقّعات أعرق أجهزة الاستخبارات والجيوش.
والواقع أن هذه النتيجة لم تتجلّ على المستوى العملياتي فحسب، بل أيضاً رمزيّاً وسياسيّاً في آن؛ إذ فضح «طوفان الأقصى» هشاشة افتراض «الملاذ الآمن» الذي طالما سُوِّق له كحقيقة صلبة، وأظهر محدودية الاعتماد على التفوّق التكنولوجي بوصفه ضمانةً وحيدة للأمن والاستقرار. والهزيمة الرمزية هنا، لا تقاس بالخسائر المادية فحسب، بل بقدرة الجمهور والرأي العام الدولي على إعادة تقييم السردية، مع فقدان بعض أوراق الشرعية التي كان يستند إليها العدو، جزءاً من فعاليتها.
على أن أكبر تداعيات «الطوفان» تمظهرت في الجانب الاستخباري والأمني، حيث لم يعُد فشل منظومات الرصد والتحذير المبكر موضوع نقاشٍ تقنيٍّ داخلي فحسب، بل صار مشكلة شرعية وإدارة للخطر داخل حلبة السياسة الإسرائيلية. وقد دفع تآكل ثقة المواطنين بمؤسسات الحماية، وتصاعد الأسئلة حول فاعلية القيادات العسكرية والاستخبارية، هذه المؤسسات إلى مواجهة مراجعات جوهرية في طرق العمل، وفي تفكيرها الاستراتيجي، وفي علاقتها بالمجتمع الذي من
ارسال الخبر الى: