خواكين ليني في معجم جديد للحب
في عصر تحوّلت فيه المشاعر إلى رموز وصور وبوستات وستوريز، يقدّم عالم الاجتماع الأرجنتيني خواكين لينّي قراءة جديدة للعلاقات العاطفية في زمن تطبيقات الهواتف الرقمية والخوارزميات. كتابه الأخير إعادة اختراع الحب: إثنوغرافيا العلاقات، والجنس، والصداقة والحيوانات الأليفة في زمن تندر (مدريد، 2025) يتناول تفاصيل الحبّ المعاصر، من المواعدة السريعة إلى الصداقات المكثفة، ومن العلاقات المفتوحة إلى الروابط الرقمية التي تبقى بعد الفراق.
يكشف لينّي، عبر مصطلحات جديدة ومعجم رقمي للعواطف، كيف تُشكّل التكنولوجيا لغة الحب الحديثة، وكيف يمكن للمشاعر أن تبقى حاضرة في عالم لا يتوقف عن التغيير.
يبدّل عالم الاجتماع الأرجنتيني قواعد اللعبة في كتابه عبر الاعتراف بدوره المزدوج: فهو في الوقت نفسه باحث يراقب ما يجري، وفاعل ومستخدم يعيش التجربة. خبراته الشخصية وتجاربه وتجارب محيطه مع تطبيقات المواعدة انعكست على طريقة مقاربته للموضوع، مستنداً إلى مفهوم الانعكاسية المزدوجة الذي طرحه عالم الاجتماع أنتوني جيدنز. وبهذا، نجح في الموازنة بين زمنه الذاتي كاتباً وملاحظاته الميدانية، ليمنح كتابه مصداقية أكبر ويجعل العلاقة بين الباحث وموضوع البحث أكثر حيوية وتداخلاً.
أفكار توازن بين نقد التكنولوجيا واستكشاف الفرص التي تولّدها
ينطلق مؤلف الكتاب من فكرة أنَّ الحب لم يمت، لقد ارتحل إلى مداراتٍ أخرى، وهو الآن يختبئ في الصور العالقة على الشاشات، وفي الإيموجي (الوجوه المبتسمة على شكل رموز تعبيرية)، وفي الحكايات العابرة الستوريز التي لا تدوم أكثر من أربع وعشرين ساعة. هناك، في ذلك الفضاء الافتراضي، تتشكّل الثالثية الرقمية؛ وهو مصطلح ابتكره لينّي ليشير من خلاله إلى الامتداد العاطفي الرقمي الذي يظلّ قائماً حتى بعد الانفصال، حيث نمرّ على المشاهد الرقمية وكأنها أطياف علاقة لا تفنى بانتهاء الجسد، إنما تعيش كبصمة تتردّد في الذاكرة. يقول: نحن نعلق مشاعرنا في الشخص، ولكننا نعلق مشاعرنا بشكل أكبر في صوره ومنشوراته. وبعد الانفصال، تبقى هذه الخيوط الرقمية كأنها حضور شبح مستمر.
قد تكون من أبرز إنجازات الكتاب محاولة مؤلّفه بناء معجم مفاهيمي لعالَم عاطفي
ارسال الخبر الى: