خطف النساء السوريات ومسارات الإنكار
ثمّة ذاكرة مُمتلئة باضطهاد النساء. كنت أظنّ أنّه لا يمكن الفكاك من تلك الذاكرة الحاضرة بسلاسة مفجعة! لكن ذلك يحصل اليوم، وبسلاسة أيضاً، لكنها سلاسة إنكارية، مؤسّسة على قرار بالإدانة وبحماية الجناة.
منذ سنوات خلت يتذكّر السوريون والسوريات مجموعة من الشابات السوريات، بلغ عددهن سبعاً وعشرين امرأة، بعد أن غُرّر بهنّ بذريعة العمل في لبنان ليُحتَجَزن ويُجبَرن على ممارسة الدعارة. ولولا هروب إحداهن وإبلاغها عن تلك الجريمة لبقين هناك في أسوأ الظروف حتى موتهن، وبالفعل لقد فقدت إحداهن حياتها أثناء رحلة الاحتجاز المُفجعة تلك.
تعاطف السوريون والسوريات مع الفتيات والنساء الإيزيديات اللواتي خطفتهن داعش سيئة الصيت وباعتهن في أسواق النخاسة، في أسوأ انحطاط لا مثيل له في القرن الواحد والعشرين. لكن في زحمة المقتلة السورية، لم يتوقف السوريون والسوريات للتدقيق في الأخبار، ولا في مراجعة التفاصيل، واعتبروا أنّ ثمّة أطرافاً مُجبرة، أو أولى بها، التعاطف مع الإيزيديات المُختطفات.
لكن داعش ومنظمات جهادية متشدّدة خطفت النساء السوريات أيضاً، بعضهن قُتل، وبعضهن وُضِع في أقفاص حديدية، وأخريات هُجّرن من قراهن وبيوتهن، والبعض ما زال مصيرهن مجهولًا، لقد فرضت تلك المنظمات الحجاب على النساء المختطفات، حتى الطفلات، وأجبرتهن على حفظ القرآن.
مارس النظام البائد هذه الانتهاكات أيضاً ضدّ النساء، رهينات ومعتقلات ومغيّبات، كما قُتلت فتيات اغتصبهن وحوش النظام من ذويهن. بعض النساء لم يعدن أصلاً، لأنها كانت واثقة أنّ ما ينتظرها هو رصاصة في الرأس وعين ظنّتها حامية تحدّق في فوهة السلاح، وليس في وجه الابنة الضحية.
بدلًا من مسار رسمي للعدالة الانتقالية يُحاسب القتلة ماضياً وحاضراً بغضّ النظر عن طوائفهم وولاءاتهم، يتم تعميم مسارات الإنكار لتثبيت القوّة على الفئة الأضعف
نعم ثمّة ذاكرة مُمتلئة بالعنف ضدّ النساء، والحروب والنزاعات تمثّل بيئة خصبة لكل أنواع الانتهاكات. فكيف يكون الحال في بلد يتنازعه صراع مديد، والنساء هنّ أولًا، في قائمة الضحايا، ليس في العدد فحسب، بل بتعدّد الانتهاكات أيضاً. أثناء الهروب وفي طرق اللجوء، حتى في المخيّمات، تمّت مساومة النساء على حرّيتهن مقابل ورقة
ارسال الخبر الى: