حوالات مشبوهة في سورية تصريف الدولار عبر أبواب خلفية
28 مشاهدة
تتزايد حالات تحويل الدولار إلى حسابات مصرفية شخصية في سورية يعرض أصحابها سعرا أعلى كثيرا من السعر الرسمي وينافس إلى حد كبير المعروض في السوق السوداء ما يعزز من عمليات المضاربة في النقد الأجنبي التي تطيح أي محاولات لإعادة الاستقرار إلى القطاع المالي في الدولة التي مزقتها الحرب فضلا عن استغلال البعض هذه التحويلات في التخلص من رصيدها بالعملة المحلية وتحويلها إلى دولار ويعلن الكثير من الأشخاص عبر صفحات ومجموعات على فيسبوك وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر معارفهم إمكانية تصريف الدولار مقابل حوالة بنكية بأسعار مغرية تتصاعد كلما زادت قيمة الحوالة تواصل العربي الجديد مع أحد الأشخاص الذين يعملون في ذلك والذي طلب عدم ذكر اسمه مشيرا إلى أنه مجرد وسيط بين أصحاب حسابات بنكية والراغبين في تصريف الحوالة مقابل نسبة على التحويل حيث قال إن أقل كمية يقبل بشرائها هي 1000 دولار وتختلف الأسعار بحسب الكميات المبيعة فيحسب الدولار بـ15000 ليرة إذا كانت الكمية تراوح ما بين 1000 2500 دولار و15200 ليرة إذا كانت الكمية 3000 6000 دولار و15500 ليرة إن كانت الكمية 6500 9500 دولار أما إذا كانت الكمية تفوق الـ10000 دولار فإن السعر هو 15800 ليرة وأوضح المصدر أنه يشترط في الشخص الذي سيبيع دولارات أن يكون لديه حساب بنكي ويكون تسليم الدولار باليد مقابل أن يقوم هو بالتحويل إلى حسابه البنكي بالليرة السورية ليسحب هو أمواله يوميا من طريق الصرافات التابعة للمصرف المتعامل معه وفق الكمية المسموح بها لافتا إلى وجود إقبال كبير من قبل المواطنين على ذلك نظرا لكون سعر الصرف في السوق الرسمية يبلغ نحو 12 ألف ليرة للدولار الواحد وهو ما يقترب من السوق السوداء يعتبر خبراء في الاقتصاد أن هذه الحالة غير سوية ولها أسبابها المتعددة الناجمة عن أخطاء في السياسات الحكومية إذ يرى نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة الدكتور عبد الرحمن محمد خلال تصريح لـالعربي الجديد ولا سيما ما يتعلق بالفجوة في سعر الصرف في السوقين الرسمية والموازية إذ يصبح من المجدي للمواطنين بيع دولاراتهم عبر هذه الطريقة لتحقيق ربح فوري بينما يعتبر الخبير الاقتصادي فراس شعبو في حديثه لـالعربي الجديد أن هذه الظاهرة انتشرت بكثرة أخيرا ولا سيما بعد تقييد السحب البنكي بشكل كبير إضافة إلى وجود أشخاص لديهم أموال بمليارات الليرات في منصة تمويل المستوردات ما أدى إلى البحث عن وسائل لتسييل هذه الأموال أو تكييفها وتحويلها إلى كاش بالمعنى السوقي إذ يحتاج الكثير من هؤلاء الأفراد إلى سيولة للاستمرار في أعمالهم أو لدفع مستلزمات حياتهم اليومية حتى وإن خسروا جزءا من قيمة أموالهم وحول تأثير هذه الظاهرة في الاقتصاد الوطني لا يرى شعبو ضررا مباشرا من خلال بيع الحسابات البنكية بأسعار مختلفة ولكن يعد ذلك حالة غير سوية وتعكس خللا في الكتلة النقدية الموجودة وقد يتعرض الفرد للاستغلال نتيجة احتياجه للسيولة من خلال القبول بأسعار مرتفعة فمثلا وصل سعر صرف الدولار في حلب من طريق التحويلات البنكية إلى 18 ألف ليرة للدولار أي إن الفرد يخسر حوالى 50 من قيمة أمواله ويبقى هذا الأمر مرهونا بمدى قدرة مصرف سورية المركزي على التدخل وإنعاش السوق الاقتصادية وضخ الكتلة النقدية في السوق وفتح السحوبات المصرفية لجميع المتعاملين وإلا فسينعكس هذا الأمر على سعر الصرف الحقيقي في السوق إن استمر بشكل كبير شبهات تبييض أموال وتمويل أنشطة مشبوهة أما الخبير الاقتصادي عبد الرحمن محمد فكان له رأي آخر إذ يشير إلى أن لهذه الظاهرة عدة تأثيرات سلبية في الاقتصاد الوطني خصوصا إذا كانت هذه العمليات تحصل عبر حوالات مصرفية مشبوهة فقد تسحب الدولارات من النظام المصرفي الرسمي لصالح جهات غير خاضعة للرقابة فيما يتمثل الأثر الآخر بتشويه سوق الصرف لكون هذه الممارسات تزيد من عدم الاستقرار في سوق الصرف وتوسع الفجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازي إضافة إلى أن هذه العمليات من الممكن أن تستخدم من قبل جهات غير مشروعة لتبييض الأموال أو تمويل أنشطة غير قانونية متابعا وعندما يلجأ المواطنون إلى قنوات غير رسمية يفقدون الثقة بالمصارف الرسمية ما يزيد الأزمة النقدية ولفت محمد إلى أن من الممكن سحب الدولار لصالح أشخاص مجهولين إن كانت هذه العمليات تجرى بكميات كبيرة وبأسعار مغايرة للسوق فقد تكون هناك جهات متنفذون أو سماسرة تستخدم هذه الآلية لامتصاص الدولارات من السوق وتكديسها خارج القنوات الرسمية إذ تبرز مجموعات في ظل الأزمات الاقتصادية تستفيد من الفوضى النقدية لتعزيز سيطرتها على سوق الصرف معتقدا بوجود احتمال كبير لحدوث عمليات نصب واحتيال على المواطنين من خلال هذه الممارسات فقد يقدم الصرافون وعودا كاذبة أو يحصلون على الدولارات دون تحويل المقابل بالليرة السورية كذلك فإن التعامل خارج القنوات الرسمية قد يعرض الأفراد للمساءلة القانونية إذا اكتشفت السلطات هذه العمليات وفي حال انخفاض سعر الصرف فجأة قد يخسر المواطنون جزءا من أموالهم مرة أخرى وحول دور مصرف سورية المركزي في التخفيف من اللجوء إلى مثل هذه العمليات يقول محمد إن على المصرف أن يضيق الفجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازي إلى أدنى حد ممكن من خلال تعديل سعر الصرف الرسمي ليكون أقرب إلى الواقع ما يقلل الحافز للجوء إلى السوق الموازي ويترتب عليه أيضا تسهيل سحب العملة من خلال رفع سقوف السحب اليومي وتقليل الانتظار الطويل لسحب الأموال من الحسابات وتعزيز الرقابة على الحوالات المصرفية من طريق مراقبة التحويلات المشبوهة التي تحصل بكميات كبيرة وبأسعار غير معتادة تراجع الثقة في الليرة وأشار إلى ضرورة ملاحقة الصرافين غير المرخصين وتشديد العقوبات على من يمارسون هذه الأنشطة خارج الإطار القانوني وإصلاح النظام المصرفي بمعالجة الأسباب الجذرية للأزمة مثل نقص السيولة وتراجع الثقة بالعملة الوطنية المحلية مؤكدا أن هذه الظاهرة تعكس خللا هيكليا في السياسة النقدية السورية حيث يؤدي انعدام الثقة بالنظام المصرفي وتشوهات سعر الصرف إلى انتشار قنوات غير رسمية لذلك فإن معالجة المشكلة تتطلب إصلاحا شاملا للنقد والمصارف وإلا فستستمر هذه الممارسات بتعريض الاقتصاد والمستهلكين للمخاطر وتؤكد الحكومة السورية أنها تسعى لاستعاة الثقة بالاقتصاد وإعادة الاستقرار إلى القطاع المالي وكانت الحكومة قد قدمت في إبريل نيسان الماضي رؤيتها للتعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار أمام صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي خلال اجتماع رفيع المستوى عقد على هامش اجتماعات الربيع لعام 2025 لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي في واشنطن بحضور وفد رسمي سوري وعدد من وزراء المالية وممثلين عن المؤسسات المالية متعددة الأطراف إضافة إلى شركاء التنمية الإقليميين والدوليين وقال وزير المالية السوري محمد يسر برنية إن مشاركته في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن حملت رسائل بالغة الأهمية لمستقبل الاقتصاد السوري وقال برنية في مقابلة مع تلفزيون بلومبيرغ إن الهدف الأساسي من المشاركة إعادة إدماج سورية ضمن المجتمع الدولي والنظام المالي العالمي وبناء شراكات مع المؤسسات الدولية وأضاف أن الحكومة تضع في مقدمة أولوياتها تحديث الإدارة المالية الحكومية وتعزيز الشفافية والتزام المعايير الدولية ومكافحة الفساد إضافة إلى تقوية منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب