حوار عربي أوروبي في عمان

٤٧ مشاهدة
مفهوم الاتحاد الأوروبي لأمنه ودفاعه في جنوب البحر المتوسط كان محور الحوار في الندوة التي عقدت بالعاصمة عمان يوم 25 ابريل نيسان 2024 في كلية الحسين بن عبد الله الثاني للدراسات الدولية في الجامعة الأردنية ونظم الندوة مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية وملتقى شومان للأمن والدفاع Schuman Security and Defense Forum الموجود بالعاصمة بروكسل والتي يقع فيها المركز الرئيسي للاتحاد الأوروبي وبعد نقاش وجدل امتد بكثافة على مدى ثماني ساعات وزعت على كلمتي الافتتاح ثم محاضرتين من د فايز الخوري ممثل وزارة الخارجية والبروفسور زكي لايدي Zaki Laidi ومع أن اسمه يبدو عربيا إلا أنه فرنسي الجنسية ومتخصص في العلوم السياسية وأستاذ مشهود له وهو يعمل حاليا مستشارا لجوزيف بوريل فونتيليس Josef Boriell Fontelles المفوض المسؤول عن الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي وبعد ثلاث حلقات نقاشية طلب مني ومن باتريك سيمونيه Patrick Simonnet سفير الاتحاد الأوروبي إلى الشرق الأوسط أن يقدم كل واحد منا ملخص الأفكار والتي حازت على الاهتمام والنتائج والتوصيات التي يمكن أن نخرج بها وللإنصاف يجب أن نقول إن سفارة الاتحاد الأوروبي بقيادة السفير في عمان بيير كريستوف تشاتزيسافاس والدكتور زيد عيادات مدير مركز الدراسات الاستراتيجية قد أعدا برنامجا مكثفا وأدارا النقاش والجلسات بكفاءة عالية وجاءت كلمتاهما الافتتاحيتان معبرة عن موقف المفكرين العرب الحاضرين أمثال د عبد المنعم سعيد من مجلس الشورى المصري والدكتور حسن المومني رئيس كلية الحسين بن عبد الله الثاني للدراسات الدولية واللواء المتقاعد د محمد فرغل من الأردن والعميد رياض الجريري المتقاعد من دائرة المخابرات العامة وشارك في الاجتماعات سفراء الدول الأوروبية وبعض الدول العربية والآسيوية وباحثة من أوكرانيا كانت متحمسة للدفاع عن بلدها وحتى ندخل إلى لب الموضوع فقد استأثرت ثلاث قضايا مهمة على البحث أما القضية الأولى فهي أوكرانيا والحرب الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية والثانية الأمن البحري مع إشارة واضحة إلى البحر الأحمر وباب المندب أما القضية الثالثة فهي قضية الأمن الحدودي ومكافحة الجريمة العابرة للدول في الشرق الأوسط والتي كان المتحدثون الثلاثة فيها من الأردن باعتباره يشن حملة واسعة ضد تهريب المخدرات وتبييض الأموال على حدوده منعا لإدخالها للأردن أو لاستخدام الأراضي الأردنية معبرا إلى الدول المجاورة وبدا واضحا من النقاش أن عدة مفردات وتعريفات استحوذت على بعض الوقت بين آن وآخر سعيا للوصول إلى مفاهيم مشتركة حولها ومن أبرز هذه التعبيرات أن التمتع بالأمن Security هو حق للجميع ويجب إدانة من يخالف القواعد المتفق عليها للحفاظ على أمن كل دولة عضو في الأمم المتحدة أما الدفاع فهو اتخاذ القرار بالتحرك عسكريا للتصدي للدول المعتدية وفي هذا الصدد ركز الأوروبيون على أن أوروبا تسعى لكي تحقق الأمن في أوكرانيا ومساعدة أهلها على تحقيق ذلك ضد روسيا باعتبارها من وجهة نظرهم دولة معتدية وفي حالة غزة ما زال بعض الأوروبيين يتهمون حركات المقاومة فيها بالإرهاب وأن ما جرى يوم السابع من أكتوبر تشرين الأول من اعتداء على المدنيين في غلاف غزة كان عملا ارهابيا أما الحاضرون العرب باستثناء واحد منهم وافق الأوروبيين رأيهم فقد قالوا إن معركة غزة لم تبدأ يوم السابع من أكتوبر 2023 بل هي امتداد وحق دفاع طبيعي ضد دولة تعتدي على غزة وأهلها منذ عام 2006 حيث شنت عليها ست حروب وبقيت هذه النقطة جدلية لم يتفق عليها ولكن الأوروبيين الحاضرين قالوا لا يجوز أن تتوقعوا منا أن ندين إسرائيل على ما فعلته في بداية المعركة من رد العدوان عليها في الوقت الذي يفشل فيه بعض العرب في إدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا وما يشكله هذا الأمر من تهديد لأوروبا ولذلك هم يزودون أوكرانيا بالسلاح والمال وهم أيضا أصبحوا واثقين من ضرورة توسيع التحالف ضد روسيا وتوسيع الاتحاد الأوروبي ولكنهم أصروا على أن إسرائيل بالغت في ردة فعلها على العدوان عليها وأنها بقتلها للأبرياء والأطفال قد تمادت وكسرت قواعد الاشتباك في الحروب أما التعريف الآخر الذي نوقش فهو تحديد الموعد الذي بدأت فيه حرب إسرائيل على غزة وهناك من يقول إن هذه حرب بين إسرائيل كدولة وحماس كحركة مقاومة شعبية ولكن الجانب العربي أوضح أن تضييق تعريف الجانب الفلسطيني المقاوم وحصره في حماس هو سعي واضح لتبرير الهجوم الإسرائيلي لملاحقة أتباع حماس وكل من يمنحها ملاذا أو غطاء وهو ما يسمح لإسرائيل بقتل المدنيين وتوسيع رقعة الحرب الدائرة إلى جبهات مختلفة حتى تتحول من حرب ثنائية إلى حرب إقليمية ولربما إن طال أمدها قد تتحول إلى حرب عالمية والتعريف الثالث هو أمن البحر الأحمر وهل هو ممر للدول المطلة عليه أم هل هو ممر ملاحة دولية يؤثر على الاقتصاد العالمي والتعريف الرابع هو الإرهاب وهذا خلاف قديم والخامس ما مفهوم جريمة الحرب وهل ينطبق هذا التعريف على إسرائيل ورموزها والمقاومة وفي إطار الحديث عن البحر الأحمر وأمنه كنقطة عبور مهمة للسفن ولا يجوز العبث بالأمن فيه فقد انصب اهتمام الباحثين الأوروبيين على تقديم سيناريو يتهم إيران بتحريك أعوانها في أربع دول عربية خدمة لحربها ضد إسرائيل وهذا ينطبق على الحوثيين المؤيدين لإيران والمهددين للملاحة في البحر الأحمر وما لذلك من آثار سلبية على التجارة والاقتصاد الدوليين وأشاروا إلى أن الحرب الإقليمية الدائرة في الشرق الأوسط حاليا بدأت تساهم في التضخم ورفع الأسعار وزيادة نسبة البطالة ومنع حركة إعادة البناء في كثير من الدول العربية ومع أن موضوع السلاح النووي قد أثير أثناء النقاش مني ومن بعض المتحدثين إلا أن الجانب الأوروبي لم يعر هذا الموضوع الاهتمام الكافي ولكن بدا وكأن هناك اتفاقا على ضرورة إنهاء الحرب في غزة لأنها هي المحرك لكل هذه المعارك الإقليمية ويجب أن يحصل تعاون وثيق بين الاتحاد الأوروبي ودول جنوب البحر المتوسط وقد خصوا من الدول العربية دول مجلس التعاون الخليجي الست بالإضافة إلى الأردن ومصر والمغرب وأن يبقى الباب مفتوحا لمن يريد الانضمام وأشار كل من الدكتور حسن المومني وأنا إلى عملية برشلونة التي صدرت عن اجتماع وزراء خارجية دول شمال وجنوب المتوسط والتي أصدرت إعلانا بعد الاجتماع عام 1995 سمي اعلان برشلونة وأنشئت بموجبه عملية برشلونة التي يجتمع فيها مرتين كل عام وزراء الخارجية العرب ونظراؤهم في الاتحاد الأوروبي لبحث ثلاثة أمور هي العلاقات السياسية والعلاقات الاقتصادية والعلاقات الثقافية ولكن العملية فشلت وأكدت في ختام ملاحظاتي على ضرورة إعادة تقييم اتفاقيات الشراكة العربية الأوروبية لتكون أكثر إنصافا للجانب العربي أما الموضوع الذي أكد عليه الجانب الأردني بالإضافة إلى ضرورة إنهاء الحرب في غزة وإيقاف معاناة الشعب الفلسطيني على يد الحكومة الإسرائيلية وجيشها هو الاتفاق على عملية سياسية تفضي إلى حل الدولتين على حدود الخامس من حزيران يونيو 1967 وكذلك فإن من الضروري دعم الأردن في حربه ضد المخدرات والعصابات الإرهابية التي تتاجر به وأشار المتحدثون في الندوة رياض الجريري العميد المتقاعد من المخابرات وصاحب الخبرة الطويلة المتميزة وكل من اللواء المتقاعد محمد فرغل والدكتور حسن المومني إلى ما يتكبده الأردن من خسائر في حماية حدوده من تهريب الأسلحة والمخدرات وما يقوم به الأردن من دور متميز في حماية أمن جيرانه وبينت للحاضرين دور الأردن في استقبال اللاجئين في المنطقة والتي كانت لهجرة بعضهم لأوروبا آثار عميقة على الحياة السياسية والاقتصادية هناك وآن الأوان لأوروبا لتقدر ذلك وتعترف به وتوفر للأردن تعويضا عن الخسائر السنوية التي يتكبدها في هذا الشأن والتي تقدر بنحو سبعة مليارات دولار سنويا الحوار العربي الأوروبي صار ضرورة ملحة ولا بد أن يستمر لأننا جيران ولأن سلوكيات كل منا ستصب في مستقبل الطرف الآخر وأمنه واستقراره

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح