شكلت الحرب الإسرائيلية الجارية الآن على قطاع غزة صدمة كبيرة عند جيل الشباب ليس في العراق فحسب بل في دول عربية وإسلامية وعالمية أيضا فما آلة التدمير هذه ما كل هذا العنف والوحشية كيف للإسرائيليين أن يدمروا كل شيء في القطاع بنايات مستشفيات بنى تحتية منازل وأرواح أبرياء لم يعتد شباب اليوم هذه المشاهد من قبل كما اعتادها أبناء جيلنا لقد صنعت وسائل السوشل ميديا حواسهم وباتوا يرون من خلالها ومن خلال القنوات الفضائية الحديثة نسبيا ما لم يروه من قبل في الثمانينيات والتسعينيات بحكم سنهم ومحدودية النقل التلفزيوني وبدائيته وقتئذ الآن صاروا يعرفون ما معنى أن يكون هناك كيان استيطاني اسمه إسرائيل وما معنى أن يموت الفرد فلسطينيا أعزل وبسبب هذا ذهب بعض أولئك الشباب إلى الكفر بكل أفكار الحداثة بل صار بعضهم يلعن ذلك اليوم الذي آمن فيه بقيم الديمقراطية والمساواة والعدل وحقوق الإنسان وكل ما جاء به الغرب بسبب ذلك الانحياز الغربي لإسرائيل وأعتقد أن ردة الفعل تلك تتضمن بعض المبالغة لأن قيم الحداثة وإن كانت غربية المنبع إلا أنها تبقى قيما إنسانية يجتمع عليها العقل البشري إذ يكفي أن هذه القيم هي ما حفزت جموع غربية كبيرة على أن تخرج بمظاهرات مكثفة في عواصم غربية دعما لفلسطين ويكفي أنها هي ما جعلت مفكرين كبارا يتحدثون بلغة ناقدة وقاسية لسياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين راجعوا مثلا ما قاله سلافوي جيجك وجوديث بتلر بحق الإسرائيليين إذن إن الغرب ليس كتلة واحدة صلبة وحكومات الغرب لا تعني الغرب كله قطعا كان ومازال الدين عاملا مهما في دفع الشعوب نحو مقاومة مستعمريها وحماس ليست خارج سياق هذا التاريخ في المقابل أعرف أن مشكلة بعضنا عراقيين وعربا هي حماس وليست القضية الفلسطينية لأن حماس منظمة إسلامية تعتقد بأممية الإسلام على الأرض وهذا ما يصنع تلك المسافة النفسية بين هذا البعض وحماس ويؤثر في رأيه في القضية الفلسطينية ككل لكن في صراع الشعوب الواقعة تحت الاحتلال تستحضر كل أشكال الأيديولوجيا بما فيها الدين لتعبئة الجمهور نحو المقاومة وليس أقوى من الدين إلهاما في هذه التعبئة إذ كان وما زال الدين عاملا مهما في دفع الشعوب نحو مقاومة مستعمريها وحماس ليست خارج سياق هذا التاريخ القول إن حماس قامت بفعل 7 أكتوبر من دون أن تحسب عواقبه جيدا قول أتفق مع جزئياته لكنني أختلف مع بنيته وتصوراته المخاتلة التي تطلب من الفلسطينيين الموت بلا صراخ تحت الاحتلال فعل المقاومة أي مقاومة كما تقول المفكرة الهندية غياتري سپيفاك هو فعل يدخل ضمن سياسات النهايات المفتوحة politics of open ends التي لا تتجنب المستقبل المجهول وتبقى تخاف منه إلى الأبد من خلال السكون والاستسلام بل تصنعه وتصنع معه خيارات سياسية مجهولة المجهول هو الذي يحرك المعلوم إذن يمكن القول في النهاية إن حماس حركة إسلامية مقاومة اتفقنا مع منهجها أو لم نتفق فيما إسرائيل دولة احتلال استيطاني