حلم ليلة سفر السيطرة على الجسد المهاجر

57 مشاهدة

بين حديد الصندوق وبرودة التحقيق، يتكشّف الوجه الآخر للحلم، حلم العبور بوصفه هشاشة تتكسّر على أسوار الحدود. على خشبة المسرح الكبير بن امسيك بالدار البيضاء، قدّمت فرقة أكنول للثقافة والفنون عرضها الجديد حلم ليلة سفر، بدءاً من الأسبوع الماضي.

النصُّ، الذي أعدّه نور الدين سعدن عن مسرحية لوكا ليلى للكاتبة الكندية سوزي باستيان وأخرجه ربيع بن جحيل، يتعامل مع الهجرة بوصفها رحلةً داخلية أكثر منها عبوراً جغرافياً؛ وانقساماً بين مَن يرى العالم بعيون الذاكرة ومَن يقيسه بميزان الحلم.

الحكاية تُروى من داخل حاوية معدنية ومن امتدادها البيروقراطي عند محقق في مكتب للهجرة في بلد أجنبي، إذ يُستجوب حليم حول دخوله البلاد بطريقة غير شرعية ووفاة الفتاة التي كانت إلى جانبه. لا يعرف المحقّق أنّ الفتاة هي حليمة، شقيقته التوأم التي أصرت على مرافقته رغم عجزها الجسدي، وماتت في منتصف الطريق.

الحكاية تُروى من داخل حاوية معدنية ومن امتدادها البيروقراطي.


ومنذ بدء التحقيق، يجيب حليم ولا يبوح؛ صوته يلتف حول المعنى دون أن يمنحه، كمن يحتمي باللغة من الذاكرة. صمته لا يخفي الجريمة بل يفضح المأساة، حتّى النهاية التي يعترف فيها أنه قتلها بيده، ليس قسوة وإنما رحمة بها وتلبية لرجائها الأخير.

المحقق (يؤديه عبد المالك أخميس عبر شاشة باردة) ليس إنساناً بل آلة، تمثل نظاماً لا يرى سوى الجسد المهاجر. في مقابل حضوره الافتراضي، يواجهه الجسد الحقيقي لحليم، ليصبح المسرح ذاته غرفة مراقبة، والإنسان شاهداً ومشهوداً عليه في آنٍ.

أداء سعدن في دور الأخ ينحت مأساة بالصمت والارتجاف، بينما سهام أزطوطي، في دور الأخت، تحوّل الإعاقة إلى شعرٍ حركيّ، إذ كلّ التفاتة جملة وكلّ سكون صرخة. أما أخميس، في حضوره المسرحي المباشر، فيبدو الضمير الثالث، ظلّاً للحقيقة أو بديلاً عن الغياب.

في لحظات متقطعة، تعلو الموسيقى وتخفت، ويتسلّل صوت أمين الساهل عبر صلام مقاطع شعرية تنتمي لـالراب، بمثابة تعليق سرديّ من الهامش، يمنح العرض بعده المعاصر. فإيقاع الراب يوازي تنفّس الشخصيات، يعلو حين يشتدّ الاختناق وينكسر حين يطلّ الصمت، كأنه

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح