حكاية جدار ناصر أبو سرور رحلة أسير في زنزانته
خرج الفلسطيني ناصر أبو سرور إلى الضوء بعد اثنين وثلاثين عاماً من الأسر. الأسير الذي خطّ على جدار زنزانته جملة وداعاً يا دنيا، يعود اليوم شاهداً وكاتباً يحمل تجربته على صفحات روايته حكاية جدار الفائزة مؤخراً بجائزة الأدب العربي لعام 2025، من خلال ترجمتها الفرنسية، والتي تتناول حكايته من طفولة مكبلة في المخيم إلى دهاليز سجون الاحتلال، مروراً بولادة وعي سياسي وفلسفي تشكل بين الحلم والقيد. وفي عمق هذا الوعي، يتجلّى صراع الإنسان مع القمع، ومع ذاكرة لا تهدأ وأسئلة لا تنطفئ، إذ يتحول الجدار من حاجز خانق إلى مساحة لتجسيد المعنى واستعادة الذات.
من الهامش إلى الزنزانة
في الرواية المكوّنة من قسمين (دار الآداب، 2022)، يحتل الراوي المساحة الأساس، ويفرض أسلوباً عميقاً ومليئاً بالتفاصيل في سرد الحكاية، إذ يصبح محوراً للأفكار والأحداث التي ظل بطلها زمناً طويلاً على الهامش، تُقصيه مختلف أنواع القيود التي اختبرها على أرض الواقع، والتي تتطلّب كمّاً كبيراً من الشجاعة لنقلها إلى صفحات كتاب.
يبدأ ناصر أبو سرور بالإشارة إلى مَواطنِ الوعي التي اكتشفها خلال أعوام حياته الأولى، وأولها انتقاله إلى مخيم عايدة في مدينة بيت لحم، طفلاً يحتاج إلى الانطلاق إلى العالم والمستقبل، لكنه يكتشف أن للمخيم حدوداً يسيّجها الفقر وعجز الناس عن تجاوز عتباته إلى المدينة الواسعة، فحياتهم غير تلك التي يملكها الآخرون، لأن الحدود محاطة بأحلام الماضي، أما الزمن، فيتوقف عند لحظة النزوح.
يكتشف بطل الرواية في أمه وأبيه والناس المحيطين به حنينهم إلى العودة، ويفهم أن عقارب الساعة ثابتة على لحظات لن تعود، حيث الماضي أجمل من الحاضر، وسط أجواء من العجز، لأن الآخرين حوله يؤمنون بأن الذي لا حاضر له، لا مستقبل له. وهكذا، يحاول الطفل فهم سر الجدار الذي يراه لأول مرة، ويختبر القفز عنه، لاكتشاف إذا ما كان يكمن خلفه عالم آخر، يسير فيه الزمن بصورة طبيعية.
الشعور بالاغتراب والانسلاخ عن هوية غامضة مفقودة، يعبر عنها الناس بحزنهم وذكرياتهم، عزّز شعوره بالتخلي عما يحب، لأجل الصمود في مواجهة
ارسال الخبر الى: