حكايات الناجين من مذبحة الساحل بين المغارة والسقيفة وخزائن المطبخ
متابعات..| تقرير*
ربّما، يصعب عليك النجاة من موت شبه محتوم. لكن، مع ذلك، تحاول النجاة، خاصةً إذا كنت ربّ أسرة صغيرة، ومعيل أسرة كبيرة. حينها، يصبح عليك أن تحمل أطفالك وتركض في البراري، التي، لأول مرّة، لن تكون خائفاً من وحوشها؛ ذلك أن مَن وصل إلى بيتك، واستباح كل ما فيه، ثم قتل مَن لم يتمكّن من اللحاق بك إلى الأحراج، هو الوحش الأكبر. وأهل الساحل السوري، أو مَن بقي منهم على قيد الحياة بعد المذبحة، خاصةً في مدينتَي بانياس وجبلة، وأرياف اللاذقية والقدموس، دفعتهم “عزّة الروح”، كما وصفوها، إلى البحث عن سبل للنجاة؛ فمنهم مَن وجدها في عليّة المطبخ، وآخرون في الخزانة، وكثر وجدوها في الأحراج، بين الغابات، وفي الجرود الجبلية.
أحد هؤلاء الناجين، راجي، الشاب الثلاثيني من قرية الحطانية في ريف القدموس، والذي يعاني اليوم من كسر في مشط قدمه، ورضوض في جسده، لوعورة الطريق الذي سلكه في حرج قريته بحثاً عن الأمان، بعدما وصلت دبابات الفصائل السورية التابعة للإدارة الجديدة إلى مشارفها. لم يكن الشاب وحده، إذ رافقه طفلاه (سنتان، وست سنوات)، وأمه.
وهكذا، خرج كلّ أفراد العائلة من منزلهم داخل الحطانية، بعدما شاهدوا منازل “أول الضيعة” تحترق بمَن فيها، سالكين طريقاً غير مأهول يؤدي إلى الأحراج القريبة التي لا يمكن الآليات المرور عبرها، وبالتالي لن تطاردهم سيارات “الجيش الجديد”. لكن مَن هرب إلى البرية، لم يسلم من المطاردة، إذ كانت مُسيّرات “الشاهين” التابعة لـ”الهيئة” تحوم فوق رؤوس أهالي ريف القدموس وتستهدف تجمعاتهم، بينما تكفّلت راجمات الصواريخ المنصوبة على تخوم الجرد في استكمال المهمّة.
لم يستفق أهل الساحل بعد من هول الفاجعة
أمّا علي، من قرية اسقبلة في ريف القدموس أيضاً، فحاول جاهداً بعد هروبه من المقصلة داخل قريته، ألّا ينام في العراء؛ فهو مريض سرطان، ويجد صعوبة في الحركة والتنقّل، ومن المفترض ألّا يبذل جهداً فائقاً، وألّا يتمكّن البرد منه حفاظاً على سلامته. التحف علي بغطاء من المنزل، لعلّه الذكرى الأخيرة من أثاث البيت المحترق، وركض
أرسل هذا الخبر لأصدقائك على