عن حفل رجال الإطفاء

53 مشاهدة

في بلاد بعيدة، اتخذ رئيس اللجنة الإجرائية لفوج الإطفاء قرارًا، ينتظره الناس منذ عقود، بمنع الأسلاك الكهربائية البارزة في شوارع المدينة، تجنّبًا لمخاطر الصعق الكهربائي والحرائق.

لا، لا، لا! هذا القرار مرفوض، ردّت رئاسة اللجنة التنفيذية العامة للشؤون الإدارية، مُقحمة نفسها بين رئيس اللجنة التنفيذية لفوج الإطفاء وبين مرؤوسيه. لا، لن يُنفّذ هذا القرار، لأنّ تنفيذه هو ما قد يُسبّب الصعق الكهربائي والحرائق، وليس العكس! إنّه منطق ديالكتيكي فذّ، إنها جدلية تتخطى بعبقريتها نظريات فريدريش هيغيل وكارل ماركس، إنّها أدبيات اللغة الجديدة (النوفلانغ) التي يجب الاستمرار بنشرها وتكرارها: فالحرب هي السلام، والحرية هي العبودية، والجهل هو القوّة، كما كان يقول الكاتب البريطاني جورج أورويل في روايته 1984.

لم تكتف رئاسة اللجنة التنفيذية العامة للشؤون الإدارية بذلك، بل أضافت أنه يُمنع منعًا باتًا انتقاد رجال الإطفاء بسبب التقاعس والتقصير في مواجهة خطر الحريق، فالإطفائيون لا يقومون إلا بالالتزام بما يشكّل عقيدة رسمية منذ عقود، خصوصًا إنّه يجب عدم المسّ بعقيدة أثبتت نجاحها الباهر خلال كلّ السنوات الغابرة! مفهوم؟!

إنّ تفكيك الأسلاك الظاهرة (وخاصةً تلك المُمدّدة حديثًا)، وبالتالي درء خطر الحريق، هو ما قد يُؤدي إلى اندلاع حريق، خاصةً أنّه حينها، لن يكون من دور لرجال الإطفاء في إخماد الحريق، بل الاكتفاء بمُراقبته، فهم سيُضطرون إلى عدم التدخّل، حتى لا يحترقوا هم أنفسهم، أم أنكم تُريدون أن يحترق الإطفائيون؟! يا لها من فكرة خطيرة، شريرة، عبثية، غير مسؤولة، ومُدانة.

عليك أن تقبل بخطر اندلاع الحريق، وذلك تحديدًا، لمنعه من الاندلاع!

ليست من مسؤولية الإطفائيين حماية المواطنين الذين يدعمونهم من دون قيد أو شرط من الحريق. على السكان أن يُدبّروا أمرهم بأنفسهم، وبجميع الأحوال، أن يسكتوا عن خطر الحريق الذي يهدّدهم. فحسب العقيدة الرسمية، من غير المقبول أن يُفاضل رجال الإطفاء في تعاملهم بين ما يُشعل الحريق، وبين الضحايا المحتملين له في حال اندلاعه. نقطة، انتهى! بل ينبغي أن تُعتبر روح المساواة هذه مؤشّرا على جدية السلطة بنظر المجتمع الدولي، الذي ينتظر ليس

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح