حفتر أمام عدالة متأخرة

44 مشاهدة

في خطوة مفاجئة بعد سبع سنوات من الصمت، قضت المحكمة الليبية العليا، الاثنين الماضي، بعدم دستورية قانون أصدره مجلس النواب عام 2017 شرّع فيه جواز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وهو القانون الذي اتخذه اللواء المتقاعد خليفة حفتر غطاء قانونياً لآلة القمع التي رافقت صعوده السياسي والعسكري. فقد استندت المحاكم العسكرية في بنغازي إلى هذا القانون لإدانة عشرات المدنيين، بينهم ناشطون وصحافيون وطلبة، ما جعل القضاء العسكري أداة لوأد صوت معارضي حفتر.

هذا الحكم وإن بدا انتصاراً للعدالة ولقي ترحيباً واسعاً في قطاع الناشطين الليبيين المعنيين بالحقوق والحريات، إلا أن السياق الذي صدر فيه يطرح أسئلة أخرى تربطه بالمناخ السياسي، خصوصاً بعد أن ظل مجلس النواب طوال السنوات الماضية الذراع التشريعية التي تمنح حفتر شرعيةً زائفة لسلطته الميدانية. تتعلق هذه الأسئلة بأن المحكمة العليا لم تحدد ما هي المحاكم العسكرية المقصودة؟ هل هي تلك التي تقع في دائرة نفوذ حفتر وتعمل بأوامره في الشرق؟ أم التي تشرف عليها المحكمة العليا خارج سيطرته في ظل انقسام المؤسسة القضائية؟ ومن يراقب المحاكم العسكرية في بنغازي؟ ومن الذي سيلزمها بإطلاق سراح المدنيين الذين صدرت بحقهم أحكام سابقة؟

تلك الأسئلة تقع ضمن لحظة سياسية متخمة بالتأويل والتفسير، خصوصاً توقيت صدور حكم إبطال دستورية القانون بعد سبع سنوات من الصمت، ما يجعله مثار شك أكثر. فهل استيقظت المحكمة فجأة على مخالفة القانون وارتفعت وتيرة وعيها بحقوق المدنيين؟ أم أن ضغوطاً دولية دفعت نحو تفكيك الحصون القانونية التي يتحصن بها حفتر تمهيداً لتحريك ملفات في القضاء الدولي؟ أم أن القضاء صار أداة لتعرية حفتر سياسياً أمام الرأي العام ووسيلةً من وسائل المواجهة الأخرى معه؟ بصرف النظر عن هذه الأسئلة، يُمثّل الحكم صفعة سياسية لحفتر بسحب الغطاء الدستوري عن مشروعه العسكري، وبتعرية هشاشة سلطته التي قامت على خلط المدني بالعسكري. وأكثر من ذلك فقد كشف تآكل شرعيته أمام الداخل والخارج معاً، فمهما تجاهل تنفيذ هذا الحكم فإنه صار مكشوفاً أمام الرأي العام الداخلي والخارجي بلا أي سند

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح