عن حضرموت والمهرة وتقسيم اليمن تفكيك معطيات

لم يُعد الحديث عن تقسيم اليمن تخريصًا بقدر ما صار واقعًا معاشًا؛ فالبلد صار عبارة عن كنتونات، وتتقاسمه سلطات حرب، وتحكمه قوى تستمد سطوتها من مظلات خارجية. فسقوط محافظتي حضرموت والمهرة خلال يومين ما كان ليحصل لو لم يكن هناك فاعل مؤثر على البيادق المحلية وممول خارجي لتحركاتها، وعلى استعداد، لو اقتضى الأمر، أن يمول حروبًا على امتداد الجغرافيا اليمنيّة الممزقة.
هل كان تقسيم اليمن وإعادته إلى شطرين يحتاج إلى تكوين جماعات مسلحة وإسقاط المحافظات الواحدة تلو الأخرى؛ واستهداف ما تبقى من مكونات الجيش اليمني، وإهانة رمزيته، ممثلًا في العلم الجمهوري، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية من خلال تسريح مئات وآلاف الجنود الملتحقين بالجيش؛ باعتبارهم ينتمون للشمال؛ بعد إهانتهم والإساءة إليهم …هل كان تقسيم اليمن يحتاج إلى كل هذا؟
اليمن مقسّم فعلًا، وبإمكان جنوبه من خلال مَن يقدّم نفسه ممثلًا له (المجلس الانتقالي الجنوبي) أن يُعلن الانفصال، لاسيما هو مدعوم خارجيًا، وبإمكان المخرج توفير دعم دولي تدريجي للانفصال، لاسيما بعد أن فرض سيطرته على محافظتي حضرموت والمهرة؛ إذ لم يعد أمامه أي مبرر لتأجيل إعلان الانفصال، وقد صار قوة الأمر الواقع هناك؛ فهل سيحدث ذلك؟! لن يحدث؛ لأن ما يُراد لليمن هو أكبر من إعادته إلى ما قبل عام 1990؛ بل أسوأ، وهو بقائه في متوالية من الإضعاف وضمان دورانه داخل صندوق اللادولة، كوسيلة لاستمرار الهيمنة على موقعه الاستراتيجي، بما فيها موانئه وجزره وباب المندب؛ واستغلال ثرواته، طالما بقي قراره السيادي مستلبًا وحركته الميدانية مرتبطة بقرار الممول وتخدم مصالحه؛ بما يتفق- بلا شك- مع رؤية الشرق الأوسط الجديد.
يتعامل المجلس الانتقالي الجنوبي؛ وكأن الشمال هو المتمسك بوحدة البلاد؛ فلجأ إلى سياسة سلخ الجنوب من يمنيته وإنكارها، وابتداع هُوية جديدة (دولة الجنوب العربي)، وهي تسمية من نتاج حقبة الاستعمار البريطاني، الذي اخترع اسم اتحاد الجنوب العربي؛ حتى الاستعمار البريطاني لعدن فقد استخدم ذلك الاسم لاتحاد محميات، لم تشمل سلطنات ومحميات الشرق. لسنا بصدد تشريح دعوة الانتقالي ضد يمنية الجنوب، فهي أكبر من
ارسال الخبر الى: