حضرموت في قلب العاصفة كيف يعاد رسم اليمن تحت هيمنة الاحتلال الجديد

تشهد المحافظات الجنوبية المحتلّة، وفي مقدمتها حضرموت، وضعًا متشابكًا يتداخل فيه السياسي بالاقتصادي، ويتقاطع فيه المحلي مع الإقليمي والدولي، بصورة تكشف بوضوح حجم المشروع الاستعماري الذي يستهدف اليمن منذ بداية العدوان.
فالتطورات الجارية ليست مُجَـرّد تنافس بين أطراف جنوبية أَو سعي فصائل مسلحة لفرض سيطرتها على الجغرافيا، بل هي امتداد واضح لمخطّط دولي واسع تُشارك في صياغته القوى الاستعمارية التقليدية، وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وكَيان الاحتلال الصهيوني، بينما تتولى السعوديّة والإمارات الدورَ التنفيذيَّ المباشِرَ على الأرض.
الاحتلالُ لم يعد يعتمدُ على الأساليب العسكرية الصريحة كما كان يحدُثُ في القرن الماضي، بل يلبس اليومَ أثوابًا جديدةً تحت عناوين “الدعم”، و”الإسناد”، و”إعادة الاستقرار”، وغيرها من الشعارات التي تُخفِي خلفها مشروعًا حقيقيًّا يقومُ على نهب الثروات، وإضعاف القرار السياسي، وخلق واقع ديمغرافي وأمني هشٍّ يسمح بإدارة البلاد من الخارج.
هذا النموذج يتجلى بوضوح في الجنوب، حَيثُ باتت المحافظات هناك حقلًا تجريبيًّا لسياسات الاحتلال الجديد، من خلال نشر الفصائل المتعددة، وإعادة تشكيل القوى الأمنية وفق المقاس الإماراتي والسعوديّ، وتوظيف الصراعات المحلية لإدامة الانقسام.
حضرموت، في قلب هذا المشهد، تمثل الهدف الأكثر أهميّة بالنسبة للمخطّط الاستعماري لاعتبارات متعددة، أبرزها الثروة النفطية والموقع الاستراتيجي الممتد على بحر العرب، ومنافذ التصدير الحيوية، فضلًا عن مساحتها الواسعة التي تجعلها محورًا لأي مشروع تقسيمي يسعى لتفتيت اليمن.
ولهذا يبدو المشهدُ في حضرموت أكثر تعقيدًا؛ إذ تتنافَسُ السعوديّة والإمارات فيها ظاهرًا، لكن هذا الصراع الظاهري ليس إلا عملية توزيع أدوار تهدف في نهاية المطاف إلى تثبيت الوجود الخارجي وتحديد موازين القوة داخل المحافظات الجنوبية بما يخدم المصالح الأجنبية لا المصالح الوطنية.
ما يحدث على الأرض يشير إلى أن القرارات الحاكمة للمشهد السياسي والعسكري في الجنوب لا تُتخذ داخل عدن أَو المكلا أَو الغيضة، بل من غرف عمليات في الرياض وأبوظبي، وبالتنسيق مع القوى الغربية الراعية للمشروع.
فالفصائل التي تُرفع أعلامها في الشوارع ليست سوى أدوات تديرها تلك القوى، وما تحمله من شعارات عن “الجنوب”، أَو “القضية”، أَو “التحرير” لا يتجاوز
ارسال الخبر الى: