العالم في عام 2024 أحياء متناثرة هناك الحي الاسكندنافي حيث لا يعلو على الهدوء سوى الصمت المطلق وهناك الحي الشرق الآسيوي موئل الحراك الأزلي وهناك الحي الأفريقي المنبثق من تداخل الثقافات والأديان والترسبات الاستعمارية وهناك الحي الشرق الأوسطي وهذا مسكون حصرا بهاجس اليد العليا من يرفع يده أعلى يكون المنتصر الأمر شبيه بسلوك الشوارع وأدبياتها لا يمكن ليدك الهبوط من عليائها وإلا سيأتي من يرفع يده فوقك حزب الله والاحتلال الإسرائيلي باتا في قلب هذه المعادلة لا قواعد اشتباك رسخت 18 عاما بين عامي 2006 و2024 ولا اتفاق ترسيم بحري وقع في عام 2022 لهما القدرة على منع التدحرج الدموي في أنماط القتال بين الطرفين باتت اليد العليا غاية الحزب والاحتلال من ينتصر فيها سيفرض أحكامه على الآخر لجهة حزب الله الانتقال من توازن الردع إلى اليد العليا هو انتصار على درب إنهاء الوجود الإسرائيلي أما إسرائيل فإن اليد العليا تجاه حزب الله ستدفعها إلى الاطمئنان أن وجودها ثابت في الشرق الأوسط حتى إشعار آخر ثبات الفكرتين على تناقضهما يضع الجميع أمام أمر واقع لا شيء سيتغير ما لم تنشب حرب واسعة بين الطرفين وحدهم الأميركيون يسعون إلى وقف السقوط الحر إلى ساحة الوغى لحسابات تبدأ من صندوق اقتراع في جبال الأبالاش ولا تنتهي في جزر تايوانية صغيرة متناثرة على الساحل الصيني وبما أنه دائما هناك ولكن فإنها في حالتنا تعني تشعبات لا تعد ولا تحصى ليس من الواقعي الحديث عن وهن إسرائيلي ولا عن عجز حزب الله الطرفان ينتظران بعضهما بعضا منذ جيل منذ انتهى عدوان صيف 2006 الطرفان يدركان أن كل الاستقرار السابق لم يكن إلا في سبيل الوصول إلى هذه اللحظة وإن لم يختاراها لا حزب الله كان يعرف بعملية طوفان الأقصى وفق قول أمينه العام حسن نصر الله ولا الاستخبارات الإسرائيلية نجحت في استباق العملية وفق تقاريرها الأمنية وبعد ثمانية أشهر من العدوان على غزة وارتفاع ضجيج الدبلوماسية لوقف الحرب الإسرائيلية هناك يجد بنيامين نتنياهو ونصر الله نفسيهما في مواجهة بعضهما بعضا مع العلم أن نصر الله واجه بصفته أمينا عاما للحزب رؤساء حكومات إسرائيلية عديدين من إسحاق رابين في عدوان 1993 وشيمون بيريز في عدوان 1996 وإيهود أولمرت في عدوان 2006 فيما لم يخض نتنياهو حربا مع لبنان في سنواته الماضية رئيسا للحكومة كل هذا جديد في الجهتين ما الذي يعنيه ذلك يعني أن هناك يدا عليا سترتفع وليس بالضرورة أن تكون لبنانية أو إسرائيلية بقدر ما يمكن أن تكون أميركية لكنها لن تفعل فعلها ما لم تستعر الشرارة المؤدية إلى هذا الدرب بعد ذلك سيكون كل شيء مغايرا ككل صيغة سابقة جمعت حزب الله والاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2000 من كان شاهدا على الانسحاب الإسرائيلي من غالبية الأراضي اللبنانية في مايو أيار 2000 ارتبك أمام مستقبل مجهول في عدوان صيف 2006 ثم شعر بتغيير ما في الاتفاق البحري لعام 2022 فيما يترقب حاليا أياما لا أحد قادر على فهم ماهيتها طالما أن لا يد عليا فرضت نفسها بعد الثابت في ذلك كله أن المشاهد الواردة من الشمال الفلسطيني المحتل عن دمار وحرائق في مستوطنات إسرائيلية وأخرى مماثلة من الجنوب اللبناني ومن قراه ومنازله لا تنبئ بمستقبل مختلف عن المسار العسكري الذي ينزلق الجميع إليه التراجع لأي من الطرفين ليس خيارا لم يعد كذلك منذ ارتباط الاعتداءات الإسرائيلية باغتيالات قادة وعناصر من حزب الله خصوصا ومنذ توسيع الحزب مدى استهدافه الجغرافي وصولا إلى الجليل الأسفل المنبسط من طبريا إلى حيفا امتلاك اليد العليا أضحى عنوانا لقتالهما لعمقه الوجودي