تحتدم بقوة حرب الرقائق الإلكترونية بين عواصم الغرب والسلطات الصينية حيث تعمد الحكومات إلى رصد عشرات مليارات الدولارات لتعزيز الشركات الوطنية الناشطة في تصنيع أشباه الموصلات فقد سبق أن خصصت القوى العظمى بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي نحو 81 مليار دولار لإنتاج الجيل القادم من أشباه الموصلات ما أدى إلى تصعيد المواجهة مع الصين بشأن التفوق في مجال الرقائق الإلكترونية عالميا وفقا لما أوردت وكالة بلومبيرغ اليوم الاثنين مشيرة إلى أن قانون الرقائق والعلوم لعام 2022 الذي أصدرته إدارة بايدن خصص 39 مليار دولار في شكل منح لصانعي الرقائق إضافة إلى 75 مليار دولار في شكل قروض وضمانات في المقابل وفي أحدث جهد من بكين لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة لتقييد نموها أنشأت الصين اليوم الاثنين أكبر صندوق استثماري لأشباه الموصلات في البلاد على الإطلاق لدفع تطوير صناعة الرقائق المحلية حيث جمعت المرحلة الثالثة من الصندوق الوطني للاستثمار في صناعة الدوائر المتكاملة 344 مليار يوان 47 5 مليار دولار من الحكومة المركزية والعديد من البنوك والمؤسسات المملوكة للدولة بما في ذلك البنك الصناعي والتجاري الصيني المحدود وفقا لما نقلت بلومبيرغ عن تيانينشا Tianyancha وهي منصة على الإنترنت تعمل على جمع معلومات تسجيل الشركات الرسمية علما أن الصندوق أسس في 24 مايو أيار الجاري وتؤكد أحدث أداة استثمارية المعروفة باسم الصندوق الكبير الثالث Big Fund III على الدفعة المتجددة من جانب حكومة الرئيس شي جين بينغ لبناء صناعة أشباه الموصلات الخاصة بها مع تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة خاصة بعدما فرضت إدارة بايدن قيودا شاملة على قدرة الصين على شراء الرقائق الإلكترونية المتقدمة ومعدات صنع الرقائق وعملها الحثيث الآن على دعوة حلفائها بمن فيهم هولندا وألمانيا وكوريا الجنوبية واليابان لتشديد القيود على الصين وسد الثغرات في ضوابط التصدير الحالية كما تلاحظ الوكالة وقد ارتفعت أسهم شركات الرقائق الرئيسية في الصين اليوم الاثنين حيث صعد سهم الشركة الدولية لتصنيع أشباه الموصلات Semiconductor Manufacturing International Corp أكبر شركة لتصنيع الرقائق في الصين بما يصل إلى 8 1 في بورصة هونغ كونغ في حين ارتفع سهم شركة هوا هونغ المحدودة لأشباه الموصلات Hua Hong Semiconductor Ltd وهي منافس أصغر بأكثر من 10 تجدر الإشارة إلى أن أكبر مساهم في الصندوق المشار إليه هو وزارة المالية الصينية كما ساهمت فيه شركات الاستثمار المملوكة للحكومتين المحليتين في شنتشن وبكين علما أن حكومة شنتشن تدعم العديد من مصانع صناعة الرقائق الإلكترونية في مقاطعة قوانغدونغ جنوبي الصين في محاولة لتحرير شركة هواوي تكنولوجيز Huawei Technologies Co من سنوات من العقوبات الأميركية التي قطعتها عن عدد كبير من مكونات أشباه الموصلات المستوردة وتنتهج الصين منذ فترة طويلة سياسة صناعية أكثر استباقية بما في ذلك برنامج طموح يسمى صنع في الصين 2025 Made in China 2025 والذي رسم أهداف التنمية في مجال التكنولوجيا الحيوية والمركبات الكهربائية وأشباه الموصلات وعلى الأقل منذ عام 2015 عندما كشفت بكين عن هذا البرنامج كانت الصين داعما رائدا لهذا القطاع باستخدام رأسمال الدولة لتمويل شركات تصنيع الرقائق المحلية مثل إس إم أي سي SMIC وسبق أن أطلق صندوق الرقائق الوطني قبل نحو عقد من الزمن برأسمال قابل للاستثمار ناهز 100 مليار يوان وبدأ الرئيس شي بعد وقت قصير من توليه منصب رئيس الصين عملية إصلاح شاملة للصناعة التحويلية في البلاد بهدف تطوير تقنيات متطورة من الروبوتات إلى صناعة الرقائق المتقدمة وضاعفت الصين حجم الصندوق الكبير الثاني عام 2019 مع اشتداد السباق ضد الولايات المتحدة على التفوق التكنولوجي خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب واستخدم رأس المال لتمويل بعض مشاريع الرقائق الواعدة في البلاد بدءا من مصانع إس إم أي سي الجديدة والشركة المصنعة لآلات صناعة الرقائق الإلكترونية أدفانسد مايكرو فابريكايشن إكويبمنت Advanced Micro Fabrication Equipment Inc قيود أميركية أبطأت تقدم صناعة الرقائق الإلكترونية الصينية لكن استثمارات بكين السخية لم تؤت ثمارها دائما بحسب بلومبيرغ حيث شعرت القيادة العليا في الصين بالإحباط بسبب الفشل الذي دام سنوات في تطوير أشباه الموصلات التي يمكن أن تحل محل الدوائر الأميركية كما عزل الرئيس السابق للصندوق الكبير وتم التحقيق معه بتهمة الفساد واتخذت إدارة بايدن خطوات غير مسبوقة لإبطاء التقدم التكنولوجي في الصين بذريعة أن مثل هذه الإجراءات ضرورية للأمن القومي وعلى مدى العامين الماضيين حالت الولايات المتحدة دون قدرة الصين على شراء الرقائق الإلكترونية الأكثر تقدما من شركة إنفيديا Nvidia Corp والتي تستخدم لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي فضلا عن آلات صنع الرقائق الأكثر تطورا مثل إيه إس إم إل هولدينغ إن في ASML Holding NV وأبلايد ماتيريلز Applied Materials Inc وما لبث أن أتى الرد الصيني على القيود الأميركية من خلال زيادة استثمارات بكين في قدرات صناعة الرقائق الإلكترونية الأقل تقدما وهو ما يشير إليه بعض الخبراء بأنها الرقائق الإلكترونية القديمة وتبني الصين الآن شبكة من شركات الرقائق حول بطلتها الوطنية هواوي لتحقيق اختراقات تكنولوجية في تطوير وتصنيع الرقائق المتقدمة وبحسب بلومبيرغ قد يوفر الصندوق الكبير الثالث المنشأ حديثا التمويل اللازم لهذه المشاريع