عن حب الحياة في لبنان

٢٥ مشاهدة
أتمنى أن أقلق قليلا سلام صيفكم العذب هذا وأن أكون جزءا من شراراته الحارقة على أجسادكم كما أتمنى ألا يجدي واقي الشمس نفعا وأن تغرس الحرارة علاماتها الأزلية على وجوهكم وأن تنظروا لبرهة إلى الحياة من حولكم علكم تنصتون لأصوات القنابل الهابطة من السماء التي تصورونها وتتمددون تحتها هذا المقال موجه لكم بالتحديد لبلاهة استعراضاتكم وازدواجيتكم المفرغة في كؤوس استجمامكم واحتفالاتكم علكم تفهمون الحناجر العطشى من شدة البكاء والصراخ وانعدام المياه علكم تعلكون في سيرة أهم من حبكم للحياة وترون للحظة أن ترفكم هذا حق مهدور عند الكثيرين أنا لبنانية أنحدر من بلاد لا أعلم إن كان يدرك شعبها معنى التعاضد لا أعلم حتى إن كان يدرك كم أن مأزق انصياعه لكل شيء مقلق وغير منطقي ولكنه رغم المصاعب بحب الحياة فمنذ الأزمة الاقتصادية وأنا لا أكاد أصدق كم ظهرت لي وبشكل جلي قدرة الناس على الاستعلاء على من ساءت حظوظهم وألفوا أنفسهم منسيين تحت خطوط الفقر دائما ما كنت أسمع تلك الجملة السمجة بحب الحياة بعد إعلانات المقاهي الفاخرة وحمامات السباحة والمهرجانات الباذخة وفي كل مرة كنت أسأل نفسي إن كنت أعيش في نفس البلد الذي يتغنون به أم أنني من مكان آخر لم يسبق لهم زيارته من قبل نحن نحب الحياة قالوا ولكن شواطئنا ملك خاص لمن يجيد بيع رمل البحر واستثمار مائه نحب أن نعيش كرروا القول ولكن مقاهينا لا تتسع لعامة الشعب الذي يشاهد استسخافنا به من بعيد ليلوم نفسه أنه ليس فقط عاجز أمام وضعه الميؤس منه ولكنه ولبؤس حاله لا يتحمل كلفة الحياة التي نروج لها بوقاحة وعجرفة بعد ما حصل ويستمر بالحصول من مآس لا أعتقد أننا نجحنا حتى في فهم الحياة نحن لا نريد الحرب أضافوا إلا أننا لا مانع لدينا من رؤية الناس يقتلون يوميا جنوبي البلاد فنحن نفضل الرقص على الدموع بدلا من قتلها في مضجعها يحق لنا أن نكون مجردين من الإحساس طالما أن أفواهنا الممتلئة لا تسمع خرير الأمعاء الخاوية يقول الكاتب العبثي ألبير كامو إن ما هو سبب ممتاز للعيش قد يكون سببا ممتازا للموت ما يدفعني لسؤال جوهري ألا وهو كيف يهللون للحياة بلا هوادة بيد أن كل ما يدور في فلكها ما هو سوى موت متقطر لا يفنى من هنا تبدو الحاجة لتبرير حب الحياة في الآونة الأخيرة فارغة لا مكان لتلك الهرطقة في حين يستهدف الجنوب يوميا في ظل وذل صمت المطبلين للقطاع السياحي وعبقرية استمراره لا مكان ولا شرعية لكل النساء اللائي ينادين بحرية الاحتفال على وقع أنغام هابطة في حين تستغل نساء السودان ويتاجر بهن جنسيا على مرأى من العالم لا مكان حتى للتأقلم بعد كل ما رأيناه في قطاع غزة من تدمير تهجير ظلم وإبادة ببساطة إن كان لكلمة عيب من استعمال محق فيجوز إلصاقها هنا عيب ربما لست من محبي الحياة لأنني لم أظفر بعد بأي انتصار على الحزن المهيمن لأنني من الذين أحبطوا بشكل عميق من كل ما يشكل هذا العالم ويجعله على ما هو عليه أي ماكينة قتل وإعادة تدوير لحاويات التاريخ جميعها فبعد ما حصل ويستمر بالحصول من مآس لا أعتقد أننا نجحنا حتى في فهم الحياة بل فشلنا فيها فشلا ذريعا لا يستدعي سوى اعتذارات ودقائق حداد طويلة ختاما إن حياتكم أقرب إلى فجوة من حرية فجوة قتلتم فيها ما بقي من الإنسانية

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح