حاجة أوروبا للغاز ترسخ مركز الجزائر رغم صعود اليمين
٣٥ مشاهدة
قلل وزير تجارة الجزائر الأسبق مصطفى بن بادة من احتمال تأثير صعود اليمين المتطرف اللافت في أوروبا على علاقات القارة العجوز الاقتصادية مع بلاده حيث تصل المبادلات بينهما إلى 50 مليار يورو معتبرا أن الجزائر تتعامل مع الدول وليس الحكومات وشدد في حديث مع العربي الجديد على أن الجزائر تعاملت مع العديد من الحكومات اليمينية والدليل على ذلك اليمين الايطالي ومع ذلك ولم يتغير أي شيء في مجال التبادلات الاقتصادية والتجارية بشكل خاص وقال بن بادة في هذا الشأن إن الجزائر تتعامل مع الدول ولا تتعامل مع الحكومات وإذا صعد القوميون اليمين المتطرف غدا سيسقط ويصعد تيار سياسي آخر وشدد بن بادة الذي شغل منصب وزير التجارة في الفترة ما بين 2010 و2014 على أن الاتحاد الأوروبي هو بالفعل الشريك التجاري الأول للجزائر حيث بلغت التبادلات التجارية حوالي 50 مليار دولار في العام 2023 وهو رقم لا بأس به على حد تعبيره ويشرح أنه إضافة للاتحاد الأوروبي فإن هناك بلدانا أخرى تسعى أيضا إلى تعزيز مكانتها التجارية مع الجزائر على غرار الصين وتركيا وبعض الدول الأفريقية واستدرك بن بادة بأنه رغم ذلك يبقى الاتحاد الأوروبي بحكم الجوار والعلاقات التاريخية مع هذا الفضاء واتفاقية الشراكة مع الجزائر هو الشريك الأول لا سيما في مجال المحروقات مشيرا إلى أن ثلثي مبيعات الغاز الجزائري كما هو معلوم تذهب إلى أوروبا والقارة تعتمد بشكل أساسي على الجزائر في هذا المصدر الطاقوي الهام وتعتبر مصدرا موثوقا جدا بالنسبة لأوروبا وقال لذلك رأينا زيارات عديدة لمسؤولي بعض الدول الأوروبية منها بلدان حديثة النشأة إن صح القول لعقد صفقات مع الجزائر وآخرها زيارة رئيس وزراء سلوفينيا الذي زار الجزائر في نهاية مايو أيار الماضي وأعرب بن بادة عن اعتقاده بأن صعود اليمين المتطرف ليس جديدا في الحقيقة لأنه خلال الـ15 سنة الأخيرة رأينا فعلا النزعة القومية تجتاح الكثير من دول العالم لكنها كانت بارزة على المستوى الأوروبي بالنظر لموجات الهجرة الكبرى عن طريق أفريقيا وأيضا عبر المعابر الآسيوية بعد التدخلات التي أحدثتها حروب العراق وأفغانستان وسورية والسودان وقبله الصومال وبرأيه فإن كل هذه البؤر تسببت بموجة كبيرة جدا من المهاجرين نحو أوروبا وصعود اليمين المتطرف وفي ختام انتخابات البرلمان الأوروبي قبل أيام ظفرت أحزاب قومية يمينية متطرفة في عدة دول بمكاسب غير مسبوقة ارتقت بموجبها إلى صدارة المشهد السياسي على غرار فرنسا وايطاليا والنمسا وبلدان أخرى وخرج حزب التجمع الوطني الجبهة الوطنية سابقا بفرنسا وأحد أبرز شركاء الجزائر الاقتصاديين منتصرا في الاقتراع الأوروبي بحصوله على 31 5 من الأصوات متخطيا التشكيلة السياسية للرئيس إيمانويل ماكرون حزب النهضة الذي حصل على 15 2 وعلى أثر ذلك فاجأ الرئيس الفرنسي الجميع بإعلانه حل الجمعية الوطنية الغرفة السفلى للبرلمان وإجراء انتخابات مبكرة في 30 يونيو حزيران الجاري ولم يختلف الحال في إيطاليا أول شريك اقتصادي للجزائر إذ فاز حزب إخوة إيطاليا فراتيلي ديتاليا الذي يعتبر من اليمين المتطرف وتقوده رئيسة مجلس الوزراء جورجيا ميلوني بعد حصوله على 29 من الأصوات أما إسبانيا التي تعتبر من أكبر شركاء الجزائر اقتصاديا فقد حصل حزب الشعبي اليميني فيها على 34 2 من الأصوات حائزا على 22 مقعدا من أصل 61 في البرلمان الأوروبي وكما هو معلوم فإن الجزائر تعد شريكا اقتصاديا استراتيجيا للقارة الأوروبية خاصة في مجال الطاقة فهي أحد أبرز موردي الغاز إلى القارة العجوز وفي العام الماضي بلغت المبادلات التجارية بين الجزائر وإيطاليا نحو 20 مليار دولار وحلت إيطاليا كأول شريك اقتصادي للبلد العربي كما تعتبر الجزائر المورد الأول للغاز إلى روما كما بلغت المبادلات مع فرنسا 12 مليار دولار عام 2023 وترتبط الجزائر بأوروبا عبر خطي أنابيب لنقل الغاز الأول يعبر تونس والبحر المتوسط ليصل إلى صقلية جنوب إيطاليا بطاقة نقل سنوية تصل إلى 32 مليار متر مكعب أما الخط الثاني فيصل بلدة بني صاف الساحلية غربي الجزائر بألميريا جنوبي إسبانيا وتقدر طاقته السنوية بنحو عشرة مليارات متر مكعب وترتبط الجزائر أيضا مع الاتحاد الأوروبي باتفاق شراكة وهو عبارة عن معاهدة تجارية موقعة بين الطرفين عام 2002 ودخلت حيز التنفيذ في الأول من سبتمبر أيلول 2005 وهي تنص على تفكيك تدريجي للرسوم الجمركية على السلع والبضائع في الاتجاهين وبرزت في السنوات الأخيرة مطالبة جزائرية على أعلى مستوى بمراجعة هذه المعاهدة نظرا لعدم قدرة الشركات الجزائرية حكومية كانت أم خاصة على منافسة نظيراتها الأوروبية كون اقتصاد البلد العربي هذا يعتمد أساسا على صادرات المحروقات من غاز ونفط ومشتقاته