جيل Z في المغرب بين سؤال الثروة وأزمة الثقة
ينتقل جيل Z اليوم من فضاء الصمت الرقمي إلى فضاء الفعل الميداني. خرج شباب هذا الجيل في تظاهرات سلمية في عدد من المدن، رافعين شعارات اجتماعية صافية مثل حرية، كرامة، عدالة اجتماعية. هذه الخطوة جاءت لتؤكد أن الاحتجاج لم يعد حكرًا على النخب السياسية أو النقابية، بل صار مبادرة شبابية واسعة مدعومة بمواقف مثقفين وفنانين وكتاب وصحافيين ورياضيين عبروا عن تضامنهم مع المتظاهرين ضد المقاربة الأمنية التي لم تحترم روح الدستور وما يكفله من حقوق وحريات.
هؤلاء الشباب هم أبناء الثقافة الرقمية، جيل يعيش على إيقاع الويب ووسائل التواصل الاجتماعي، ويتابع باهتمام ما يجري في العالم من تحولات. وهو جيل لا يعرف الخوف بالمعنى الذي خبرته أجيال سابقة، لأن الربيع العربي أزال رهبة المواجهة من القاموس السياسي. بخلاف جيل عانى التضييق والاعتقال وأشكال القمع التي وثقتها تقارير الإنصاف والمصالحة، نشأ جيل Z في بيئة جعلته أكثر استعدادًا للمطالبة بحقوقه المشروعة بشكل سلمي وصريح.
خروج هؤلاء الشباب إلى الشارع لم يكن نزوة عابرة، بل نتيجة محدودية الوسائط التقليدية. المدرسة، الأحزاب السياسية، والمجتمع المدني، كلها عجزت عن استيعاب مطالبه العادلة. لذلك وجد نفسه مضطرًا لاقتحام الفضاء العمومي بحثًا عن صوت مسموع وفاعل في معادلة التغيير. هذا الحضور الشبابي سرعان ما لفت انتباه الإعلام الدولي، وأصبح مادة لكبريات الصحف والقنوات العالمية التي رأت فيه مظهرًا جديدًا للتحول الاجتماعي في المغرب.
التاريخ يمنح المغرب فرصة قد لا تتكرر لتجديد الثقة بين الدولة والمجتمع. إما أن نصغي لصوت الشباب ونترجمه إلى إصلاحات تعيد الأمل، وإما أن نخسر جيلاً بأكمله كان يمكن أن يكون رافعة للتغيير الشامل والديمقراطية الحقيقية
اللافت أن مطالب الجيل الجديد ليست في تعارض مع توجهات المؤسسة الملكية. فقد شدد الملك محمد السادس في خطب عديدة على أولوية القطاعات الاجتماعية، وعلى ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية ومحاربة الفساد. كما انتقد الطبقة السياسية التي تكتفي بالظهور في لحظات النجاح وتختفي عند الأزمات. وفي خطاب عيد العرش بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة، قال الملك بلغة معبرة
ارسال الخبر الى: