إنها اللحظة الأكثر تراجيدية في تاريخ المنطقة لا الحرب السورية ولا حرب اليمن ولا حرب لبيبا ولا ما يحدث في السودان يمكن مقارنتها بالمأساة والمجزرة التي يعانيها الشعب الفلسطيني في غزة حتى ما يحدث الآن في بلدي لبنان لا يمكن مقارنته بالإبادة التي تقوم بها حكومة اليمين المتطرف النيونازية في إسرائيل منذ السابع من أكتوبر بهذه المقدمة استهل جلبير الأشقر الأكاديمي والكاتب اللبناني محاضرته معنى الحرب على غزة في التاريخ التي ألقاها في البيت العربي بمدريد مساء الأربعاء الماضي تبعا لأستاذ التنمية والعلاقات الدولية في جامعة لندن لا بد من العودة إلى التاريخ لفهم بعض المفارقات اللامنطقية التي تنهض عليها دولة الاحتلال لفهم سلوكها ضد العقل وضد الإنسان اليوم أولا كان قيامها على أساس نكبة شعب كامل في عام 1948 هذا التأسيس القائم على أساس نكبة وتهجير وقتل شعب آخر شرعت له الأمم المتحدة في قرار عام 1947 تلك المنظمة التي تأسست عام 1945 بهدف منح الشعوب حقها في تقرير مصيرها والقضاء على الاستعمارية كل شيء يبدأ من هذه المفارقة وبمراجعة بسيطة للتاريخ الحديث يستطرد المتحدث يمكن ملاحظة أن كل القرارات التي أصدرتها المنظمات المعنية بالحفاظ على الأمن كانت دعما لسياسة إسرائيل التوسيعية والاستيطانية والاحتلالية والعدوانية وهذا ما عزز استلام اليمين المتطرف دائما زمام الحكم هذا التراكم التاريخي من الدعم اللاعقلاني لكيان الاحتلال التقى وفقا للأشقر في السابع من أكتوبر مع حكومة يمينية متطرفة يقودها نتنياهو لكن هذه الحكومة تختلف عن سابقاتها في أنها مثلما ذكر دانييل بلاك مان أستاذ الهولوكوست في الجامعة العبرية بالقدس في مقال نشرته صحيفة هآرتس تحتوي على وزراء نازيين جدد وبالتالي فإن ما يحدث في غزة يذكرنا بشكل أو بآخر بممارسات ألمانيا النازية عام 1933 وهذا في حقيقة الأمر سبب من أسباب هذه المجازر والإبادات الحاصلة الآن على الأرض في كل من غزة ولبنان الإبادة نتاج تراكم تاريخي من الدعم اللاعقلاني للاحتلال وفق الأشقر لا يمكن فصل ما يحدث في الشرق الأوسط عما يحدث في العالم وبطبيعة الحال هو يشكل نقطة تحول مهمة في تاريخ فلسطين ذلك أن الحديث عن أي سلام عربي أو فلسطيني مع هذا النظام الإسرائيلي المجرم أصبح شيئا غير معقول وهذا سيؤثر على أوروبا المجاورة بشكل مباشر لكن معاني حرب الإبادة لا تتوقف عند هذا الحد بل ستؤثر على تاريخ العلاقات الدولية مثلما يضيف صاحب كتاب الشرق الملتهب الشرق الأوسط في المنظور الماركسي 2004 موضحا كشفت تزامن الإبادة مع الحرب في أوكرانيا على نحو لا يمكن إصلاحه عن المعايير المزدوجة في المواقف الغربية ومن خلال التغاضي عن الإبادة الجماعية ضد السكان الضعفاء في غزة مع مشاركة الولايات المتحدة بشكل كامل فيه فقدت الليبرالية الأطلسية المصداقية الضئيلة التي ما زالت تحتفظ بها ويقول الأشقر إن من المعاني الأخرى التي رسختها حرب الإبادة فكرة أن العالم بدأ يعود إلى ثنائية الخير والشر وما تقرره إسرائيل بأنه الشر سيكون الشر وما تقرره بأنه الخير سيكون هو الخير إنه احتكار للوعي بالخطر واحتكار لحق القتال يعقب أستاذ العلاقات الدولية ويرى صاحب الحرب الباردة الجديدة العالم بعد حرب كوسوفو 2000 أن الحرب على غزة أكدت التناقض بين الديمقراطية والشمولية إذ صار هذا التناقض واضحا ليس من الناحية النظرية فحسب بل والتطبيقية أيضا والديمقراطية الآن صارت مجرد شعار لا معنى له بالنسبة إلى العديد من بلدان العالم بما فيها البلدان العربية التي رأت خلال حرب الإبادة ممارسات متحيزة تنتهك حقوق الإنسان والحريات فضلا عن مبادئ العدالة والمساواة