عن جعفر بناهي وجديده أيضا لا للجائزة لكن الحوارات مهمة
عربياً، يُترجَم العنوان الفارسي لجديد جعفر بناهي، الفائز بالسعفة الذهبية للدورة 78 (13 ـ 24 مايو/أيار 2025) لمهرجان كانّ، بـحادث بسيط، ترجمةً حرفية. أمّا المُشاهَدة، فتُتيح أكثر من ترجمة عربية، أبرزها تصادف بسيط ومجرّد حادث، الغالبَين في مقالات وتعليقات عربية عدّة. المُشاهَدة نفسها، الحاصلة في الدورة الثامنة (16 ـ 24 أكتوبر/تشرين الأول 2025) لمهرجان الجونة السينمائي (الاختيار الرسمي ـ خارج المسابقة)، تُرجِّح تصادفاً (أو مصادفة) بسيطاً، إذْ يحدث اللقاء بين الضحية والجلاّد في لحظةٍ تُشبه كثيراً المُصادفة البحتة.
والفيلم، الذي يعتبره كثيرون وكثيرات أقلّ أهمية سينمائية في نتاجات الإيراني المضطهد والمقموع في بلده، يرتكز على نواة درامية تُشكِّل ركيزة أعمال مختلفة، في الأدب والفن والسينما، كما في دراسات علمية، تحاول بحثاً متنوّع الأشكال في العلاقة بين الضحية والجلاّد، بعد نجاة الأولى من الثاني. ما يفعله بناهي غير بعيدٍ عن مُنجز في السينما الأجنبية، والموت والعذراء (1994) لرومان بولانسكي (مرتكز على مسرحية بالعنوان نفسه لأرييل دورفمان، صادرة عام 1990) أحد المنجزات السينمائية المتمكّنة من صوغ حوارات معمّقة، فيها نَفَس مباشر (يُعاب على تصادف بسيط أنّه مباشَر، وهذا مُزعج ويُقلِّل من أهمية السينما)، لكنّها تقول مسائل كثيرة في تلك العلاقة. إضافة إلى براعة تمثيل (سيغورني ويفر وبن كينفسلي وستيوارت ويلسون)، يعكس خفايا ذات وروح، وأنماط تفكير، وآليات عيش مع ذاكرة وراهن.
لن تُفيد المقارنة كثيراً. فالمنجز السينمائي، المتعلّق بهذه المسألة، يتضمّن نتاجات عدّة. غير أنّ ما يفعله بناهي مُثيرٌ لنقاشٍ، يُفترض به أنْ يتحرّر كلّياً من ثقل جائزة كانّ، السياسية بامتياز، رغم أنّ الفيلم بحدّ ذاته سياسي بامتياز، والمباشَر فيه ضروريّ، لكونه يعكس غضباً ذاتياً (كما يبدو) إزاء ممارسة قامعة للسلطة الإيرانية إزاء شعبها. والغضب الذاتي حقٌّ مشروع، لكنّ السؤال الأهمّ (وربما الوحيد) كامنٌ في مدى قدرة المخرج نفسه على ترجمة الغضب الذاتي إلى فيلمٍ يمتلك شرطه السينمائي المتكامل. المباشَر في السينما مطلوبٌ وضروري، أحياناً. فثقل الخراب مؤلم ومؤذ، ولا بأس بقليل أو كثير من المباشَر في عمل فني.
/>ارسال الخبر الى: