بالطبع من المفهوم تدارس أغلبية الأوروبيين لآثار عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أمر قد تحتاجه المنطقة العربية التي جربته سابقا لا تكفي الشعارات الشعبوية عن السلام والانتهاء من الحرب لإعادة بيع أوهام باسم النبي إبراهيم وإضافة شعار سخيف في الحملة الانتخابية بأنه سيقوم بـإصلاح الشرق الأوسط وكأن المنطقة غير راشدة ولا تعرف مصالحها فتحتاج لعقلية ترامب الانتدابية عليها وسط مواصلة دولة الاحتلال الإسرائيلي جرائم الإبادة الممتدة من قطاع غزة إلى الضفة الغربية وصولا إلى لبنان ثمة ثابت واضح لمئات الملايين عن حماية واشنطن كل الجرائم في مناظرته التلفزيونية مع كامالا هاريس اعتبر ترامب أن فوزها بالرئاسة سيؤدي إلى محو إسرائيل الرجل يعرف أنه لا يقول الحقيقة وما يريده الآن ليس أقل من إكمال الاحتلال جريمة الإبادة في قطاع غزة وضمنيا تأييد التطهير واحتلال دائم لشمالي القطاع ثم تهجير الضفة إلى الأردن وبنفس القدر لا مشكلة عنده في أن ينقل بنيامين نتنياهو ومعسكره التوراتي الصهيوني نماذج التدمير في قطاع غزة إلى لبنان وغيره لاحقا ومحاولة فرض ما يسمى نموذج الضفة الغربية ومن المحزن أن تصير الضفة نموذج حرية اجتياح بعد عشرين سنة على رحيل الرئيس ياسر عرفات عمليا ليس في جعبة ترامب الانتهازي سوى ترهات ما قدمه في ولايته السابقة بين 2017 2021 وهو ليس أقل وقاحة في دعم تل أبيب من جو بايدن الصهيوني فبينما تنتهك تل أبيب كل القوانين الدولية رغم صرخات ممثلي منظمات أممية لوقف حرب الإبادة فقد سبق أن عبد ترامب الطريق وبمعية صهره جاريد كوشنر لازدراء القوانين المتعلقة بالأراضي المحتلة فقدم الجولان المحتل هدية ونقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة جائزة الترضية التطبيعية جاءت بترهة صفقة القرن لتأسيس دولة ميكي ماوس فلسطينية منزوعة السيادة على جيوب لا تتعدى 15 من أرض فلسطين بعد اختزالها في أوسلو إلى 24 في الضفة وغزة المحتلتين ومع أن البعض يظن أن أرنب التطبيع في قبعة فريق ترامب يمكنه فعل الكثير فسيكتشفون بعد دفع أثمان كبيرة أنه بابتزازه وشعبويته التهم كل الأرانب على كل لعلها فرصة عربية أو للراغبين في هذه الدول للخروج من اعتبارهم أحجارا على رقعة شطرنج المصالح الدولية مستفيدين قليلا من تجارب بحث الأوروبيين عن مصالحهم في مواجهة انتهازية ترامب الأمر ببساطة لا يتطلب سوى إقلاع عن اعتبار أميركا قدر لا بد من الاستسلام له أو التساوق معه أما ترك الأمور إلى ما كانت عليه في تجربة ترامب السيئة السابقة فلن يقدم سوى صورة مهزوزة لوزن وقيمة الدول بغض النظر عن حجمها وقدراتها وثمة تجارب كثيرة حول العالم ترفض فيها حتى دول صغيرة ابتزاز وصفاقة ترامب جرب الرجل عقد صفقة شراء جزيرة غرينلاند فردت عليه الدنمارك ردا أدى إلى إلغاء زيارته إلى كوبنهاغن وثمة قائمة طويلة من أمثلة قول لا لأميركا ممتدة من أوروبا نفسها إلى أميركا اللاتينية وإلى آسيا وأفريقيا وغيرها حيث لا تكون القدرية الأميركية أو الغربية عموما من المسلمات لا أحد في هذا العالم صغيرا أم كبيرا في حجم المصالح يحترم الضعفاء أو المساومين على سيادة وعمق مصالح شعوبهم الاستراتيجية نعم سوف نشهد ندية ومعاملة بالمثل بين أميركا ترامب ودول في مختلف القارات وهي أيضا فرصة لأن يعيد الرسميون العرب ترتيب أولوياتهم للسنوات القادمة فليجرب هؤلاء مرة واحدة الاعتماد على شعوبهم كما تفعل الأمم التي تحترم الرأي العام فيها