جرس تدمر

11 مشاهدة

شكّل الهجوم الذي استهدف جنديين أميركيين ومترجماً مدنياً في منطقة تدمر، في قلب البادية السورية، محطة مفصلية في النقاش الدائر حول مستقبل الأمن في سورية بعد التحولات الجذرية التي شهدتها البلاد منذ أكثر من عام. فعلى الرغم من أن الهجوم نُسب رسمياً إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، تفتح المعطيات التي تشير إلى انتماء منفّذ العملية إلى قوات الأمن العام البابَ أمام تساؤلات عميقة تتجاوز الحادثة بحد ذاتها، لتطاول بنية الأجهزة الأمنية الجديدة وطبيعة المخاطر الكامنة فيها.
تأتي الحادثة في سياق بالغ الحساسية، إذ تشكّلت قوات الأمن العام عقب حلّ الجيش السوري وبقية المؤسسات الأمنية بعد سقوط نظام بشار الأسد، ومع وصول هيئة تحرير الشام إلى السلطة قبل أكثر من عام. وقد بات معروفاً أن نسبة غير قليلة من عناصر هذه القوات جاءت من خلفيات تنظيمية متشددة، سواء من فصائل سابقة أو من بيئات فكرية قريبة من التيارات السلفية الجهادية. هذا الواقع، وإن فُسّر حينها باعتباره نتيجة طبيعية لمرحلة انتقالية سريعة، يفرض اليوم نفسه عاملَ تهديد محتمل للأمن والاستقرار.
الخطورة الأساسية لا تكمن فقط في احتمال تورّط فرد أو مجموعة محدودة، بل في قابلية هذه الأجهزة للاختراق العقائدي. فتنظيم داعش، رغم تراجعه عسكرياً، ما زال يمتلك قدرة على استثمار المشتركات الفكرية مع بعض العناصر المنخرطة في الأجهزة الجديدة، مستفيداً من هشاشة المرحلة الانتقالية وضعف عمليات التدقيق وإعادة التأهيل. ومن هنا، لا يمكن التعامل مع حادثة تدمر بوصفها واقعة معزولة، بل بوصفها مؤشر إنذار مبكر لاحتمالات أوسع.
صحيح أن هيئة تحرير الشام التي كان يقودها أبو محمد الجولاني، والذي أصبح لاحقاً رئيساً هو أحمد الشرع، قد خاضت مواجهات دموية مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في مراحل سابقة، واكتسبت خبرة عملية في تفكيك خلاياه وملاحقة شبكاته، يفرض اختلافُ موقعه اليوم، بعد أن أصبحت قيادته سلطة حاكمة مسؤولة عن إدارة مؤسّسات الدولة، معاييرَ جديدةً. فمحاربة داعش بوصفه خصماً عسكرياً تختلف جذرياً عن منعه من التسلل إلى مؤسسات أمنية ناشئة عبر أفراد يحملون فكراً قريباً

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح