في جذور أزمة الحكم والدولة في سورية الحديثة

33 مشاهدة

بعد أشهر معدودة على الحفاوة الجامعة التي حظي بها الحكم الجديد، تعصف بسورية اليوم رياح أزمة ثقةٍ كبيرةٍ تغذّيها مخاوف متباينة، مخاوف الغالبية على استقرار النظام ومن السعي إلى إسقاطه. وبالعكس، مخاوف قطاعات متزايدة من الرأي العام من احتمال سعيه إلى تأسيس سلطة طائفية محافظة تهدّد الحريات وتنتقص بشكل خاصّ من الحقوق القانونية للأقليات الدينية أو القومية وللنخب السياسية العلمانية. عوامل عديدة ساعدت على التدهور السريع في المناخ السياسي وتأزّم علاقات السلطة مع بعض القوى والنُّخب الاجتماعية، أبرزها التدخّلات الخارجية المتقاطعة أو المتناقضة التي تمارَس على السلطة الجديدة، وتُضعف من صدقيتها الاستراتيجية واستقلال قرارها وسيادتها. ثمّ فقدان هذه السلطة الوسائل والإمكانات المادّية والإدارية التي تمكّنها من معالجة الإرث الثقيل والدامي أكثر من نصف قرن من حكم الديكتاتورية والطغيان، بصورة سلسة وسليمة. لكن أكثر هذه العوامل أهمية، وأكثرها خطراً على مكانتها، الأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها، كما تجلّت في مجازر الساحل وصحنايا والسويداء الكارثية، والتي أظهرت ضعف سيطرة الدولة على نفسها وعلى آلة العنف التي تملكها، وسوء تخطيط قياداتها الأمنية. لكن، فيما وراء هذه الأخطاء جميعاً وما يساعد ربّما على فهم أسبابها وتجاوزها، تكمن في بنية السلطة ذاتها، وأولوياتها، وطبيعة علاقتها مع المجتمع، أفراداً وجماعاتٍ.

يقوم منطق الدولة على سيادة القانون والمؤسّسات، بينما يقوم منطق العصبة على الولاء للزعيم والجماعة

وهنا أريد أن أميّز بين نمطين من السلطة، الأول قائم على منطق الجماعة/ العصبة (القبيلة أو الطائفة أو القومية الإثنية) الذي يقوم (بحسب ابن خلدون) على العصبية، فلا إمارة من دون عصبية قوية. والإمارات لا تقوم إلا من حول أمير يجسّد السلطة بأكملها، هو روح الكيان ومحرّكه وسيده، به تبدأ حياته وبه تنتهي. ما يسم السلطة في الإمارة أنها شخصية، مرتبطة بشخص الأمير أو الشيخ أو الولي الفقيه، وتستمدّ شرعيتها من الغلبة أو الوراثة أو الكاريزما الشخصية. ويكون الولاء فيها للزعيم أو للجماعة، وإرادة الزعيم هي القانون. والنتيجة: لا توجد مواطنة ولا حقوق سياسية ولا مشاركة من أي نوع في السياسة وإنما

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح