بعد الهجوم الدامي الذي استهدف قاعة كروكوس سيتي هول للعروض في موسكو مارس آذار الماضي تجددت في روسيا نقاشات حول إعادة تفعيل عقوبة الإعدام وتنظيم حركة الهجرة وتشديد إجراءات مكافحة الإرهاب وأخيرا حظر النقاب تشهد روسيا نقاشات وسجالات حادة بشأن اقتراح رئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للرئاسة الروسية فاليري فادييف حظر ارتداء أغطية الرأس النسائية التي تخفي الوجه بالكامل باستثناء العيون وفي مقدمها النقاب وبرر فادييف اقتراحه بالوضع الراهن الصعب ومخاطر وقوع هجمات إرهابية مماثلة للهجوم الذي استهدف قاعة كروكوس سيتي هول للعروض في موسكو مارس آذار الماضي وأسفر عن أكثر من 140 قتيلا وأثار الاقتراح جدلا واسعا بين من يرون أن حظر النقاب حق مشروع لدولة علمانية مثل روسيا وآخرين يعتبرون أن الحظر يمس بحق المسلمين في البلاد الذين يقدر عددهم بنحو 20 مليونا يقول مفتي موسكو إلدار علاء الدينوف لـالعربي الجديد يجب توخي الحذر في المسائل الدينية الحساسة مثل اللباس نتفهم أن الدعوات لحظر النقاب تهدف إلى تأمين سلامة المواطنين خصوصا من مخاطر الإرهاب لكن في الوقت نفسه يجب مراعاة أن الإسلام بجميع تعاليمه ومذاهبه لا يحظر النقاب بل تتراوح الأحكام بين الحياد والإلزامية لذا نحن مستعدون للحوار ونقترح مناقشة مدى أهمية حظر النقاب لأمان المواطنين وحول رؤيته لموقف مسلمي روسيا من إمكانية حظر النقاب يقول هذه مسألة أليمة للنساء اللواتي قررن ارتداء النقاب ويرين أن هذه الدعوات تنتهك حقوقهن وقد تتفهم أخريات هذا الموضوع ويتبنين مواقف محايدة وفي كل الأحوال يجب إدراك أن المجتمعات تبدي حساسية حيال القضايا الدينية لذا نحذر من خطورة تداعيات الحظر ورغم ذلك يقر الدينوف بأن النقاب غير منتشر بين مسلمي روسيا إذ يمكن مصادفة نساء يرتدين النقاب في مختلف الأقاليم الروسية لكن الظاهرة في روسيا أقرب إلى حالات فردية واللافت أن ارتداء النقاب أو البرقع ليس من بين التقاليد المنتشرة في الجمهوريات ذات الغالبية المسلمة في روسيا مثل الشيشان وداغستان وتتارستان إذ تكتفي نساؤهن بارتداء الحجاب مع الإبقاء على الوجه مكشوفا وحتى الرئيس الشيشاني رمضان قديروف والأئمة المحليون يحثون النساء على الامتناع عن ارتداء النقاب من جهته يرى عضو مجلس العلاقات بين القوميات التابع للرئاسة الروسية بوغدان بيزبالكو في حديثه لـالعربي الجديد أن فرض حظر ارتداء النقاب في روسيا سيكون إجراء طبيعيا نظرا إلى الطابع العلماني للدولة وقد حصلت تجارب مماثلة في جمهوريات سوفييتية سابقة في آسيا الوسطى يتابع أعتبر مبادرة حظر ارتداء النقاب في روسيا أمرا طبيعيا خاصة أن جمهوريات آسيا الوسطى فرضت هذا الحظر رغم أن الغالبية الساحقة من سكانها من معتنقي الإسلام فكيف حال بلادنا العلمانية التي لا داعي لجعلها موطنا للإسلام الراديكالي والسماح بإقامة جيوب تطبق أحكاما موازية للدولة ومع انفتاح روسيا على العالم العربي في السنوات الأخيرة وزيادة حركة السياحة الوافدة من المنطقة على حساب الزوار الأوروبيين أصبح من المعتاد رؤية أفواج سياحية قادمة من الدول العربية والخليجية تضم نساء يرتدين ملابسهن التقليدية بما فيها الخمار والنقاب وسط انتشار مطاعم تركية وأخرى تقدم الوجبات الحلال في الشوارع السياحية الرئيسية وسط موسكو وحول رؤيته لتأثير حظر النقاب على حركة السياحة الخليجية الوافدة إلى روسيا يضيف بيزبالكو من يعتبرون النقاب جزءا أساسيا من لباس زوجاتهن سيمتنعون عن السفر إلى روسيا لكنني أعتقد بأن قسما كبيرا من السياح لا يرى أن المسألة جوهرية والفئة الوحيدة التي يمكن أن تستثنى من الحظر هي زوجات وبنات الدبلوماسيين الأجانب من جهة أخرى يأسف الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية المستشرق كيريل سيميونوف من طريقة الترويج لحظر النقاب إعلاميا ومجتمعيا وتصنيف معارضيه باعتبارهم متشددين ويقول سيميونوف الذي اعتنق الإسلام لـالعربي الجديد أكبر مشكلة في قانون النقاب هي كيفية الترويج له بطريقة عدوانية وتصنيف من لا يدعمه بأنهم أعداء للشعب ووهابيون وراديكاليون لمجرد سعيهم للتوضيح أن ارتداء النقاب من التعاليم غير الإلزامية في الإسلام بمذاهبه الأربعة وليس اختراعا للراديكاليين الضالين ويلفت إلى أن معارضي حظر النقاب ليسوا بالضرورة من أنصار ارتدائه وأن ما يزعجهم هو فرض المسألة والنقاش حولها بطريقة تبدو وكأنها إشارة سلبية للمسلمين ووضعهم أمام خيارين إما الصمت وإما تصنيفهم باعتبارهم راديكاليين وربما متعاونين مع الإرهابيين في المقابل حظي مشروع حظر النقاب بدعم الأوساط الأرثوذكسية الروسية واعتبر مؤسس قناة تسارغراد ذات التوجهات المحافظة قسطنطين مالوفييف أن المبادرة تشكل اختبارا لروسيا وكتب في موقع القناة يجري الآن اختبار قدرة روسيا على حماية عاداتها وتقاليدها من تأثير المغتربين الوافدين من آسيا الوسطى أضاف لا نتدخل في شؤون الدول الأخرى وتقاليدها النقاب عادة محلية متحدرة من شبه الجزيرة العربية وتحولت إلى نوع من الموضة الدينية في بعض الدول الإسلامية وهذا أمر يخص هذه الدول ويعلق أيضا مواطنو هذه الدول لا يحتاجون إلى سؤالنا ماذا يرتدون كما يحق لهم مطالبة سياحنا بارتداء اللباس المناسب من وجهة نظرهم لكن روسيا أرضنا وتسود فيها ثقافتنا وعلى الجميع الالتزام بتقاليدنا وعاداتنا نحن وليس غيرنا وفي 22 مايو أيار الجاري أطلقت القناة استطلاعا شارك فيه نحو 1 7 مليون مستخدم وأجاب 86 في المائة منهم بـنعم يجب أن يكون الوجه مكشوفا في الأماكن العامة في حين أجاب 3 في المائة منهم بـلا هذا ينتهك حقوق المؤمنين بينما رأى 7 في المائة منهم أنه يجب ترك المسألة لسلطات كل إقليم والإسلام الديانة الثانية الأكثر انتشارا في روسيا بعد المسيحية الأرثوذكسية ويتركز المسلمون في جمهوريات شمال القوقاز وتتارستان وبشكيريا إضافة إلى موسكو التي يقطنها مليونا مسلم على الأقل بينهم مغتربون قدموا من الجمهوريات السوفييتية السابقة وفي مقدمها أوزبكستان وطاجكستان وقرغيزستان