ثورة 14 من أكتوبر معركة وعي لا تنتهي
يمني برس | بقلم | عبدالمؤمن محمد جحاف
في كُـلّ عامٍ، تطلُّ علينا ذكرى الرابع عشر من أُكتوبر، لا كحدثٍ تاريخيٍ عابر، بل كنداءٍ متجدِّدٍ لاستحضار جوهر الثورة وروحها الأصيلة التي فجّرها الأحرارُ ضد الاحتلال البريطاني، لتظلَّ علامةً فارقةً في مسيرة التحرّر الوطني، وصرخةً مدوّيةً في وجه كُـلّ أشكال الوصاية والهيمنة.
وفي كلمته بهذه المناسبة، دعا الرئيس مهدي المشاط إلى ضرورة إعادة تصويب المفاهيم المرتبطة بالثورة، وإحياء معانيها الحقيقية التي حاول الأعداء على مدى عقودٍ طويلةٍ طمسها وتشويهها، من خلال اختراق الوعي الجمعي وتشويه معالم النضال الوطني.
فقد سعى أُولئك، كما قال، إلى تفريغ الثورة من مضمونها التحرّري، وتحويلها إلى مُجَـرّد مناسبة شكلية تُحتفى بها بخطابات جوفاء، في حين أن رسالتها الجوهرية كانت وما تزال، التحرّر من كُـلّ أشكال التبعية والاحتلال المقنّع.
ويؤكّـد الرئيس المشاط أن الأولى بمن تصدروا المشهد السياسي والثقافي أن يرسّخوا ثقافة الحرية ورفض الوصاية، وأن يعزّزوا مناعة الوعي الشعبي تجاه مخطّطات الاحتلال الجديد، بدلًا عن تهيئة الأرضية لبيئةٍ قابلةٍ لتجدد الاحتلال.
فالشعوب التي خبرت مرارة الغزو، لا تكتفي بالاحتفاء بذكرياتها الوطنية، بل تبني استراتيجيات شاملة تحصّن بها كيانها الثقافي والاقتصادي والسياسي، لتصبح أُمَّـة منيعةً على الانكسار والتبعية.
غير أن الواقع، كما يصفه الرئيس، جاء عكس ذلك تمامًا.؛ إذ تم تغييب التاريخ النضالي المجيد للمناضلين والثوار الذين فجروا ثورة أُكتوبر، وتجرأ أعداء الحرية على تزوير هذا التاريخ والاستخفاف بتضحيات الشعب اليمني، ودماء الشهداء التي سالت في كُـلّ سهلٍ وجبلٍ ووادٍ؛ مِن أجلِ كرامة الوطن واستقلاله.
لقد أفرز هذا التزييف فوضى مفاهيمية خطيرة، جعلت البعض يجمع – بلا حياء – بين الاحتفاء بذكرى ثورة أُكتوبر وبين التملّق لقوى الاحتلال الأجنبي الجديد، في مفارقةٍ تفضح سقوطًا قيميًّا ووطنيًّا غير مسبوق.
أُولئك الذين يبرّرون وجود المحتلّ ويمتدحون أدواره، هم في الحقيقة يطعنون الثورة في خاصرتها، ويهينون ذاكرة الأبطال الذين ضحّوا بحياتهم لتشرق شمس الحرية.
ويصف الرئيس المشاط هذا السلوك بأنه جريمة وطنية وأخلاقية لا يجوز السكوت عنها، داعيًا المثقفين والإعلاميين
ارسال الخبر الى: