تحول ضغط الدم إلى مشكلة صحية كبيرة عامة في تونس وتندرج إصاباتها بين الأكثر تسببا بالوفيات إلى جانب مرض السكري والأمراض التنفسية المزمنة وأمراض القلب والسرطان وأيضا بين أكبر نفقات التأمين الصحي في البلاد قبل سنوات اكتشف عبيد الجابري 41 عاما خلال فحص دوري أجراه الطبيب الخاص بالعمل أنه يعاني من مؤشر مرتفع لضغط الدم ما استدعى مراقبة المؤشر لمدة ثلاثة أيام متتالية قبل أن تأكيد إصابته بضغط الدم يقول الجابري لـالعربي الجديد لم أشعر بأي من أعراض المرض باستثناء نوبات صداع كانت تنتابني بين حين وآخر والتي كنت أعالجها بتناول مسكنات بسيطة ويعد الجابري واحدا من بين نحو أربعة ملايين من أصل 12 مليون تونسي مصابون بضغط الدم والذين لا تشخص إصابة نسبة 50 في المائة منهم بحسب التقديرات ما يعرضهم لمضاعفات صحية تطاول أجهزة حيوية في الجسم على غرار الكلى والقلب ويذكر أن طبيب العمل الذي شخص حالته للمرة الأولى طالبه بمتابعة مؤشر ضغط الدم عبر جهاز قياس رافقه أكثر من 72 ساعة والذي سجل ارتفاعا في ضغط الدم وصل إلى 150 80 مللمترا زئبقيا وهو مؤشر يستدعي حصول المريض على أدوية لاستعادة استقرار مؤشر الضغط تصف الجمعية التونسية لأمراض وجراحة القلب والشرايين ضغط الدم بأنه المرض الصامت الأكثر انتشارا في تونس يقول رئيس الجمعية التونسية لأمراض وجراحة القلب والشرايين سالم بن سالم لـالعربي الجديد إن نسبة 50 في المائة من حالات ضغط الدم في تونس غير مشخصة ولا يعلم أصحابها بإصاباتهم رغم تداعياتها الكبيرة على الصحة العامة ويصف ضغط الدم بأنه مرض صامت يجر حامله إلى مشكلات صحية خطيرة ومكلفة من بينها القصور الكلوي ويتسبب في جلطات دماغية وتشخص الإصابة بارتفاع ضغط الدم بحسب بن سالم عند وصول الضغط إلى 130 80 مللمترا زئبقيا لكن نسبة 20 في المائة من الحالات يمكن علاجها من دون أدوية عبر تعديل أسلوب الحياة والعادات الغذائية ويعتبر ضغط الدم مثالا نموذجيا للأمراض غير المعدية بامتياز في تونس فيما تسعى السلطات الصحية إلى كبح النسق التصاعدي للمرض والحد من الإصابات عبر تفعيل خطة شاملة للوقاية منه عبر الكشف المبكر عن عوامل الخطر وتقدر الكلفة السنوية لعلاج الأمراض المرتبطة بضغط الدم بـ700 مليون دينار 377 مليون دولار على الأقل من بينها 300 مليون دينار 100 مليون دولار لعلاج ضغط الدم وحده ويصنف نظام التأمين على المرض في تونس ضغط الدم باعتباره مرضا مزمنا ويجرى التكفل بمصاريف علاجه بنسبة مائة في المائة ويعتبر بن سالم أن الضغط النفسي وقلة الحركة واستعمال أدوية من دون موجب وتناول أكلات سريعة أبرز عوامل ظهور ارتفاع ضغط الدم في سن مبكرة وتهدف السلطات الصحية في تونس إلى كبح النسب التصاعدية لمرض ضغط الدم بحلول عام 2025 بعد أن باتت الإصابات تشمل نحو ربع المواطنين من شرائح عمرية مختلفة كذلك تقدر وزارة الصحة تكاليف آليات الوقاية من المرض بـ17 مليون دينار 5 5 ملايين دولار سنويا وتتضمن هذه الآليات الكشف المبكر لأسباب المرض وتحسين دعم النشاط البدني في محيط العمل وجودة الحياة عبر الأنشطة الرياضية وتدعم الجمعية التونسية لطب القلب وجراحة القلب والشرايين تعميم آليات الوقاية المبكرة من مرض ضغط الدم الصامت عبر القياس الدوري لضغط الدم لمن يتجاوزون سن الـ18 والتقصي الاجباري عن المرض بدءا من سن الـ30 ويعد النظام الغذائي غير السليم والاستهلاك المفرط للملح والسكر والتدخين من الأسباب الأساسية المؤدية إلى إصابات التونسيين بأمراض تهدد سلامة القلب وكانت تونس تتجه نحو إدراج النشاط البدني ضمن وصفات العلاج التي يحددها الأطباء لمرضاهم بهدف خفض تكلفة العلاج ورفع مستوى الوقاية من الأمراض عبر الرياضة والأنشطة البدنية التي تتلاءم مع الوضع الصحي للمرضى وفي عام 2019 وقعت وزارتا الصحة والرياضة اتفاقا لتفعيل منظومة الوصفة الرياضية توجب تطبيق الوصفات الطبية التي تنصح بالنشاط البدني للمرضى بدلا من وصفات الدواء في الحالات التي تستوجب ذلك لكن هذا الاتفاق لم ينفذ وكانت الغاية من الوصفة الرياضية تحسين مستوى الإقبال على الأنشطة الرياضية التي تساعد في مكافحة الأمراض المكلفة على غرار ضغط الدم وبحسب دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية يساعد الاستثمار بدينار واحد في الأنشطة البدنية في خفض تكلفة العلاج التي تتحملها المجموعة الوطنية بنحو خمسة دولارات تصرف في علاج وأدوية الأمراض الناجمة عن قلة النشاط البدني والرياضي وتكشف بيانات رسمية أصدرتها وزارة الرياضة أن 3 في المائة فقط من التونسيين يمارسون الرياضة رغم تطور الوعي بأهمية النشاط البدني لمقاومة العديد من الأمراض والوقاية من الإصابات بالسكري والسمنة وأمراض القلب والشرايين وضغط الدم لدى عموم التونسيين