تهليلة فلسطينية في استوكهولم محاولة بصرية
الشابّة نور (لين حشيشو) تائهة في شوارع استوكهولم. فجأة، تُسمَع أصوات، لأصحابها صلة قرابة بها، أبرزهم شقيقتها (فاطمة جودة). هناك شادي (عز الدين تامر)، الشقيق الأصغر، الذي سيُقتل في قصف إسرائيلي في غزة، فنور مهاجرة فلسطينية، وأهلها في غزة زمن حرب الإبادة الأخيرة (بدءاً من 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023).
هذا حاصلٌ في تهليلة (2024) للتونسية أماني جعفر: إنّه ردّة فعل على ألمٍ أشعر به في الأسابيع الأولى من الحرب في غزة، تقول المخرجة، دارسة الهندسة في العاصمة السويدية، والمنتسبة لاحقاً إلى مدرسة استوكهولم للسينما، والمشاركة في ورش عمل خاصة بكتابة السيناريو. تُضيف أنّها، بوصفها شابةً تترك عائلتها للعيش في بلدٍ أوروبي وإنهاء دراستها، تحاول وضع نفسها مكان فتاة فلسطينية تريد أنْ تعيش حياتها كأي شخصٍ آخر (الشعب نيوز، جريدة إلكترونية تونسية، 9 أكتوبر/تشرين الأول 2024).
إنْ يكن العنوان العربي تهليلة (الجينيريك)، مع أنّ صحافة وإعلاماً عربيّين يستخدمان مفردة تهويدة، فالعنوان الإنكليزي يعكس معنى آخر، مرغوباً فيه: تهويدة لا مثيل لها. فالألم الفلسطيني غير مسبوق، والوحش الإسرائيلي يُبدع في ابتكار إجرامه. أمّا الختام، فدقائق قليلة لجينيريك النهاية، مع أغنية عيونها (عن لحن تراثي، كلمات وسيم الكردي، بيانو نور الشريف، غناء لين حشيشو)، التي تُكمِل شيئاً من متاهة شابّة، تعاني تمزّقاً روحياً ونفسياً إزاء الحاصل في بلدها، وتحاول ترميم ذاتها في ليل مدينة غربيّة (أأقول إنّ المدينة غريبةٌ أيضاً، وفقاً للمرويّ في تهليلة؟)، تبحث في شوارعها عن إجابات.
فجأة، تكتشف نور أنّها أضاعت هاتفها الخلوي، فتبحث عنه مضطربة، ثم تعثر عليه. الليل كالحٌ. المناخ باردٌ، وثلج خفيف يتساقط، بالكاد يُرى. العتمة، رغم أضواء هنا وهناك، طاغية. ملامح نور غارقة في ألمٍ لن تُخفيه ملابس شتوية، وحركتها، المعبِّرة عن قلقها ووجعها وانهيارها الداخلي، تؤكّد حجم المُصاب، والأداء مرآة هذا كلّه. ومع أنّ نور غير ناطقة بكلمة، وتهليلة مكتفٍ بأصوات أقارب لها نبرات مخيفة من شدّة الأهوال المعيشة، تصنع حشيشو من جسدها مرآة تكشف ما تعانيه بصمتٍ واضطراب، وما تُدركه من أحوال
ارسال الخبر الى: