حين تقود الحكايات خطوات النساء نحو التغيير
(إن أفضل طريقة لحفظ الرواية هي سردها) حنة أرندت.
أعقب الإعلان عن البلاغ رقم 17 الموقَّع من وزير العدل بتاريخ العاشر من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، الكثيرُ من الاعتراضات والمداخلات والتفسيرات والمقاربات الحقوقية والقانونية والشرعية والنسوية والشخصية. لكن الأبرز كانت الحكايات المرويّة شفاهيةً أو كتابةً، وقد تحوّلت إلى سيلٍ جارفٍ من الشهادات الشخصية والعامة لنساءٍ معيلات، لأمهاتٍ وحيدات، لبناتٍ يتيمات، لنساءٍ مطلّقاتٍ وأرامل، لناشطاتٍ نسويات وعاملاتٍ في حقل حماية النساء ودعمهنّ، حتى إن هذا السيل قد سجّل بوضوح مشاركةً غير مسبوقة لرجالٍ متضامنين مع النساء السوريات المجرّدات من حقوق الوصاية والولاية، الذي حرّك صدورُ البلاغ مسارًا عاصفًا لمّا يهدأ بعد.
تحوّلت القصص فعليًّا إلى سيلٍ جارفٍ لا يمكن ردّه، ولا يتّسع الوقت للإنصات إليه بعنايةٍ واهتمامٍ كما ينبغي وكما يستحق، ولا تكفي التعليقات لإبراز التضامن أو تصويب دفّة الاعتراضات، أو تحويلها إلى حملةٍ منظّمة. لكن من دواعي الرضا النسبي أنّ حملة التضامن استطاعت تصويب الرؤية وتأكيد الآثار السلبية المترتّبة عن إعادة إحياء مضمون هذا البلاغ وسحبه إلى المساحة العامة، وذلك عبر المشاركة والتضامن وسيولة التعليقات والمواقف والمطالبات ليس بالتعديل فحسب، بل بصياغةٍ جديدة تقوم على المساواة في المسؤولية والشراكة والعدل والإنصاف، وتنتصر لضمان حقوق النساء والأطفال.
القصص التي بدت وكأنها جروحٌ غائرة، لكنها مؤجّلة، تفتّحت بسرعةٍ وكثافةٍ لم تشهدها قضيةٌ قانونية تتعلّق بالنساء والأمهات والعائلة والأطفال من قبل، حتى إنّ حملات التبرير الموازية، الرسمية والشعبية منها، قد عجزت عن تحقيق أهدافها بإسكات سيل الحكايات والمقابلات والفيديوهات والمقالات الصحافية التي تحوّلت فعليًّا إلى مساحةٍ حقيقية من الأخذ والردّ على قاعدةٍ رسمية قطعية تصف كلّ من اعترض بأنه لم يفهم أصلًا مضمون البلاغ المذكور، وبأنّ مضمون البلاغ لا يخالف مطلقًا الدستور ولا يعتدي على حقوق النساء السوريات.
في المحصّلة، لم يركن جمهور المعترضات والمعترضين إلى الصيغة المطلوب الاستسلام لها عبر الادّعاء أنّ البلاغ، على العكس ممّا اجتاح شبكات التواصل، يسعى لدعم النساء ولحماية الأطفال والعوائل ولتخفيف العبء الإداري على المؤسّسة الرسمية
ارسال الخبر الى: