تفكيك مكر التاريخ بين الحتمية الفلسفية وتأويلات التاريخ

21 مشاهدة

كتب قيادي محسوب على اليسار وقف منذ اليوم الأول مع تحالف دول العدوان مقالاً ارادهُ أن يكون مقالاً إحتفائياً باستقلال الجنوب (30 نوفمبر) وفسر من خلاله أسباب انتكاسته، وأسباب هزائم وخيبات شرعية العمالة، حيث وظف فيه مقولة فلسفية هيجيلية ” مكر التاريخ “. ويستحق مقاله هذا نقداً وتحليلاً، وسأحاول تفكيكه وفحصه من عدة زوايا.

بدءاً ذي بدء يقدم المقال ” مكر التاريخ ” كما لو كان رؤية فلسفية لمحاولة فهم التناقض الصارخ بين نوايا الفاعلين في التاريخ والنتائج التي تترتب على أفعالهم.

يستند فيه الكاتب إلى مفهوم ” مكر التاريخ ” الهيغلي والماركسي ليقرأ من خلاله أحداثاً تاريخية قديمة وحديثة، مركزاً في النهاية على التجربة اليمنية. وعلى الرغم مما يبدو للقارئ غير المتخصص بأن الكاتب يستخدم فكرة عميقة، وأن لديه جراءة في الطرح، إلا أن المقال يقع في عدة مآزق منهجية وتأويلية تجعل من ” مكر التاريخ ” سردية استعراضية مغلقة أكثر منها أداة تحليلية مفتوحة.

ـ إشكالية المفهوم: قفاز فلسفي على يد أيديولوجية.

المشكلة الأولى تكمن في استخدام المفهوم نفسه. ” مكر التاريخ ” أو ” دهاء العقل ” عند هيجل هو جزء من منظومة فلسفية مثالية معقدة، تهدف إلى تفسير كيف أن ” العقل الكلي ” يحقق ذاته في العالم عبر استخدامه لأهواء ومصالح الأفراد المحدودة، ليصل في النهاية إلى تحقيق ” حرية الروح المطلقة “. هذا المفهوم مجرد في أساسه. لكن المقال يقوم بـ ” تسطيح ” هذا المفهوم وتحويله إلى أداة سحرية لتأويل التاريخ.

الأخطر من ذلك هو تحويل ” مكر التاريخ ” إلى ذريعة أيديولوجية. ففي معظم الأمثلة التي قدمها، خاصة تلك المتعلقة باليمن وسوريا، يبدو ” مكر التاريخ ” وكأنه مجرد تسمية أخرى لـ ” عدالة التاريخ ” أو ” انتصار رؤيتنا السياسية على المدى البعيد “. عندما يُعلن أن (انقلاب الحوثي) ” أحيا قيم الثورة والجمهورية ” أو أن ” برسترويكا ” جورباتشوف كانت ” استسلاماً ” وليست إصلاحاً، فإن ” مكر التاريخ

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع صحيفة الثورة صنعاء لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح