ما بعد تفجير الـ بيجرز في لبنان لا أحد آمن

٤٦ مشاهدة
تشهد الحروب الحديثة تحولا جذريا وتبرز التكنولوجيا أداة فاعلة في النزاعات وقد أصبحت الهجمات السيبرانية والتلاعب بالأجهزة داخل سلاسل التوريد جزءا رئيسيا من ساحة المعركة وأثارت الهجمات الأخيرة التي استهدفت أجهزة بيجر وأجهزة الاتصال اللاسلكي في لبنان نقاشا بين الخبراء حول طبيعة هذا الهجوم الثلاثاء والأربعاء الماضيين استشهد 37 شخصا وأصيب أكثر من ثلاثة آلاف و250 آخرين بينهم أطفال ونساء بموجة تفجيرات ضربت أجهزة اتصال لاسلكي من نوعي بيجر وأيكوم في لبنان وأثارت تفجيرات لبنان شكوكا كبيرة بشأن الثغرات الخطيرة في سلسلة التوريد العالمية التي باتت معقدة بشكل مذهل لدرجة أنها ربما تتعدى نطاق سلطات الحكومات والشركات والمؤسسات الأخرى ذات الصلة وهو ما اتضح في جريمة الاحتلال الإسرائيلي بتفخيخ أجهزة بيجر التي يبدو أنها أطلقت شرارة حرب دولية ضد سلاسل التوريد يرى بعض الخبراء مثل البروفيسور سيراج شيخ أستاذ وباحث في التقاطع بين الأمن السيبراني وهندسة النظم وعلوم الكمبيوتر في جامعة سوانسي في المملكة المتحدة إن هذا النوع من الهجمات يمكن تصنيفه هجوم سيبراني ويقول لـالعربي الجديد إن الهجوم السيبراني يستهدف تعطيل أو اختراق أنظمة مادية وفي هذه الحالة كان للهجوم تأثير مباشر وخطير على حياة الآلاف يعد هذا الهجوم غير تقليدي إذ يدمج بين التكنولوجيا المادية والأنظمة الإلكترونية وهو الهجوم الأول من نوعه على مستوى العالم إذ طاول آلاف الأشخاص في المقابل يختلف فيليب راينر الرئيس التنفيذي لمعهد الأمن والتكنولوجيا IST في تصنيف هذا الهجوم ويرى أنه كان ماديا بحتا وفي حديثه مع العربي الجديد يقول لنكن واضحين هذا لم يكن هجوما إلكترونيا بل كان هجوما ماديا على سلسلة التوريد نفذ في خضم حرب طويلة الأمد ذات جوانب سياسية وعسكرية واستخباراتية ولم يكن هذا زرعا لبرامج ضارة أو استغلالا لثغرة أمنية إلكترونية لقد كان بمثابة حل وسط مادي لسلسلة التوريد إذا نظرنا خطوة إلى الوراء فيما يتعلق بالهجمات الأخيرة على سلسلة التوريد التي شهدناها في لبنان فمن المهم أن نلاحظ أن التلاعب بسلسلة التوريد ليس وسيلة هجوم جديدة لقد انخرطت وكالات الاستخبارات والجيوش حول العالم في هذا النوع من العمل السري لسنوات عدة تبحث الدول المتخاصمة باستمرار عن فرص سلسلة التوريد وتستغل نقاط الضعف في الأجهزة والبرمجيات لتحقيق الأفضلية وحجم هذه الهجمات الأخيرة سيوضح للسلطات الفيدرالية والمدنية في جميع أنحاء العالم الحاجة إلى أن تكون أكثر حكمة في تحديد مصادرها وشرائها للمكونات ومن المرجح أن يفرض مستوى أكبر من الإنتاج المحلي لمعدات الاتصالات الأساسية الحلقة الضعيفة في الأمن السيبراني مع تزايد أهمية سلاسل التوريد في الصناعات التكنولوجية أدركت الدول ضعف سلاسل التوريد وإمكانية استغلالها في التجسس أو التخريب الدكتور جوزيف ديفاني محاضر في قسم دراسات الحرب في جامعة كينغز كوليدج لندن يؤكد في حديثه إلى العربي الجديد أخطار التكنولوجيا على الأمن القومي ويوضح أن سلاسل توريد البرمجيات أصبحت في السنوات الأخيرة قضية أمنية وطنية بارزة استخدمت لتمكين التجسس الرقمي ويرى ديفاني أن هذه الهجمات تغري الدول لأنها تستهدف عددا كبيرا من الخصوم بشكل يصعب تتبعه وتحدث اضطرابا واسع النطاق كما تزرع الخوف وانعدام الثقة إلا أنه يؤكد صعوبة تنفيذ مثل هذه الهجمات نظرا للعوامل المعقدة التي قد تؤدي إلى فشل العملية مشيرا إلى أن قلة من الدول فقط تمتلك القدرات اللازمة لتنفيذها بنجاح يشير ديفاني أيضا إلى أن أمن سلاسل التوريد أصبح أكثر أهمية مع ازدياد الهجمات السيبرانية والتجسس الرقمي مما يتطلب معالجة جادة من الدول وشركات البرمجيات ورغم هذه الجهود تظل سلاسل التوريد عرضة للهجمات أما عن الهجمات الأخيرة على الأجهزة في لبنان فيرى أنها تكشف نقاط ضعف عالمية جديدة وتبرز الحاجة إلى مستوى أعلى من اليقظة والضمان بشأن سلامة الأجهزة خاصة مع استغلال الخصوم ذوي القدرات العالية هذه الثغرات لتحقيق أهدافهم التأثير الأمني والاقتصادي بعد تفجير أجهزة بيجر إلى جانب التحديات الأمنية يمكن أن يكون لهذه الهجمات تأثير اقتصادي كبير يوضح سيراج شيخ أن المشكلة تكمن في أن هذه الأجهزة تصنع في أنحاء مختلفة من العالم وسلاسل التوريد التي تمر بها معقدة للغاية مما يجعلها عرضة للاستغلال والأمر الأكثر خطورة هو أن الأشخاص الذين يستخدمون هذه الأجهزة يعتمدون عليها بشكل شخصي ويثقون بها بما هي وسيلة للتواصل مع أحبائهم والهجمات في لبنان تمثل انتهاكا خطيرا للثقة ليس فقط من الناحية الأمنية بل من الناحية الإنسانية أيضا ويقول لسوء الحظ سيؤدي هذا إلى زعزعة الثقة في العديد من الصناعات خاصة صناعة الإلكترونيات الاستهلاكية مما سيترك أثرا اقتصاديا كبيرا ليس فقط على لبنان بل على مستوى العالم التأثير الاقتصادي المتتالي لهذا الهجوم سيكون من وجهة نظري مأساويا ويلفت شيخ إلى أن التصنيع يعتمد بشكل كبير على الموردين العالميين للحصول على مكونات منخفضة التكلفة وهو عنصر أساسي في اقتصاديات السوق الحرة فالشركات تسعى دائما للحصول على أرخص المكونات لضمان الكفاءة ولكن الهجمات السيبرانية والتدخلات الخارجية تقوض هذه الثقة بين الشركات والموردين النقطة الأساسية التي يثيرها شيخ هي أن فقدان الثقة في الموردين سيجبر الشركات على البحث عن مصادر محلية لكنها غالبا ما تكون أغلى تكلفة وأقل قدرة على المنافسة هذا من شأنه أن يزيد من تكلفة التصنيع ويجعل العمليات أكثر تعقيدا وصعوبة مما يقوض مبادئ السوق الحرة ويضيف أن التدخلات في سلاسل التوريد سواء من جهات حكومية أو غير حكومية تؤدي إلى فقدان الثقة بين الجهات الفاعلة المختلفة في الصناعة ويقول بما أن سلاسل التوريد عالمية فهي تتطلب تأمينا شاملا لكل جزء من العملية من التصنيع إلى النقل والدعم اللوجستي اليوم قد تكون الجهات الاستخباراتية هي من تعبث بهذه السلاسل لكن غدا قد تتدخل منظمات إجرامية مما يفتح الباب أمام تهديدات مثل غسل الأموال والاتجار بالمخدرات وغيرها من الجرائم مما يفاقم أزمة الثقة ويعيد الشكوك حول استقرار الأنظمة اللوجستية الهواتف الذكية والتوجه نحو السيادة الرقمية إن تأثير هذه الهجمات يتجاوز الجهات الفاعلة في النزاع ليصل إلى المستهلكين العاديين ويثير ذلك تساؤلات حول سلامة التكنولوجيا التي نستخدمها يوميا مثل الهواتف المحمولة ومدى أمانها هذا النوع من الهجمات يزعزع الثقة في الأجهزة الإلكترونية ويؤثر على النشاط الاقتصادي المرتبط بها واستجابة لهذه المخاوف بدأت العديد من الدول في السعي لتحقيق السيادة الرقمية يقول شيخ ويوضح أنها القدرة على التحكم في إنتاج التقنيات الحيوية مثل أشباه الموصلات في أوروبا هناك برنامج بمليارات اليورو لتعزيز الإنتاج المحلي لأشباه الموصلات فيما تنفذ الولايات المتحدة والهند برامج مشابهة بهدف تقليل الاعتماد على الصين وتايوان

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح