كيف تعيش في مصر ولا تدخل السجن

34 مشاهدة

أرجوك امسح الرسائل بعد انتهاء المحادثة... هذه هي العبارة التي يكرّرها أصدقاء في الداخل المصري قبل التواصل وفي أثنائه وبعده. أيّاً كان موضوع الحوار؛ فقد يكون التليفون مُراقَباً، فإذا لم يكن، فأنت مُعرَّض في أي وقت للإيقاف وتفتيش هاتفك المحمول ورسائلك الخاصة، ومجرّد التطرّق إلى السياسة (ولو تأييداً) قد يعرّضك للسجن. هكذا أخبرني صديقٌ يعمل في مؤسّسة صحافية حكومية. أوقفه ضابط، وطلب منه فتح فيسبوك وإكس، وفتّش وسأل: لماذا تكتب في السياسة؟ فأجابه: هذا عملي، وما قرأته تغطيات شاركتُ فيها، لكنّها ليست ضدّ الدولة. ردّ الضابط: لا يعنيني مع الدولة أو ضدّها، المهم أنه كلام في السياسة.
قضى صديقي يوماً كاملاً في قسم الشرطة، تعرّض فيه للضرب والشتم، قبل أن ينقذه رئيس تحريره الواصل. وخرج يسأل نفسه: ماذا لو كنتُ مواطناً عاديّاً؟ أو كان رئيسي صحافيّاً عاديّاً، وليس ممّن يقابلون رئيس الجمهورية؟ ماذا لو لم يرَني أحد زملائي مصادفة في قسم الشرطة، فيُخبر رئيسي؟ ماذا لو لم يكن مأمور القسم معرفة وأصرّ على استكمال الإجراءات؟
نجا صديقي، ولم ينله سوى لكمة قوية في أنفه أسالت بعض الدم، وصفعة حمّرت وجهه نصف نهار، وبعض الشتائم التي نالت السيدة والدته. نجا، لكنّه خرج من التجربة خائفاً من مهنته، ومن هاتفه المحمول، ومن شوارع وسط البلد، ومن المشي، مجرّد المشي. كما أنه بات أكثر اهتماماً بأخبار المسجونين… يتابعها من بيته. نجا وعاد إلى أولاده، وما سبق لم يكن سوى قصة أحد الناجين. فكيف تنجو بدورك، وتعيش في مصر من دون أن تدخل السجن؟ إليك تعليمات النجاة الرسمية...
لا تكتب: احترس من السوشيال ميديا؛ فهي ليست مساحة للتعبير، بل مصيدة. لا تدوّن، لا تعلّق، لا تشارك، لا لايك في المكان الغلط. امسح التطبيقات كلّها. فإذا اضطررت، بحكم عملك أو رغبتك في معرفة ما يحدُث حولك، لا تتابع سوى أقاربك؛ إلا إذا كان أحدهم من المؤثّرين: أي مؤثّر في أي مجال خطرٌ على نفسه وعليك، ولو كان مؤثّراً في الطبخ، في الموضة، في كرة القدم،

ارسال الخبر الى:

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2016- 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح