تعديل العقيدة النووية الروسية غموض متعمد لإخافة الغرب

٣٢ مشاهدة
مع ترقب العالم إعلان موسكو إتمام تعديل العقيدة النووية الروسية وخفض عتبة استخدام السلاح النووي ثمة مؤشرات تظهر تزايدا في ترسخ الثقة لدى العالم بأن روسيا مستعدة لتخطي الخط والضغط على الزناد بعد اقتراح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين توسيع حالات استخدام السلاح النووي وسط عزوف الغرب عن السماح لأوكرانيا باستخدام أسلحته بعيدة المدى لضرب العمق الروسي وفي وقت ما تزال فيه وثيقة أساسيات سياسة الدولة في مجال الردع النووي التسمية الرسمية للعقيدة النووية الروسية حيز الإعداد تسري حاليا النسخة الأخيرة منها والمعدلة في عام 2020 يأتي ذلك وسط مخالفة بوتين التوقعات بالإبقاء على اللجوء إلى السلاح النووي بمثابة الخيار الأخير حاسما الجدل الداخلي الروسي على ضوء دعوات منظرين روس إلى اتخاذ خطوات تقنع الغرب باستعداد موسكو لاستخدام السلاح النووي وحتى إدراج إمكانية شن ضربة استباقية على العقيدة النووية الروسية وكان بوتين قد أعلن خلال اجتماع اللجنة الدائمة للردع النووي التابعة لمجلس الأمن الروسي في 25 سبتمبر أيلول الماضي إدخال عدد من التعديلات على شروط استخدام السلاح النووي من شأنها توسيع قائمة الدول والأحلاف العسكرية التي تردع نوويا وإكمال قائمة التهديدات العسكرية الجارية فعاليات الردع النووي من أجل تحييدها وتحدد العقيدة النووية الروسية بنسختها الحالية المراد تعديلها أربعة شروط لاستخدام السلاح النووي الشرط الأول ورود معلومات موثوق بها بانطلاق صواريخ باليستية لمهاجمة أراضي روسيا أو حلفائها والشرط الثاني هو استخدام العدو سلاحا نوويا أو غيره من أسلحة الدمار الشامل بحق روسيا أو حلفائها والشرط الثالث هو مهاجمة العدو منشآت حكومية أو عسكرية روسية حيوية بهدف تعطيل ردة فعل القوات النووية الروسية أما الشرط الرابع فهو تعرض روسيا لهجوم بأسلحة تقليدية يهدد وجود الدولة بحد ذاتها وتتعلق أبرز بنود العقيدة النووية المعدلة برفع الحصانة عن القوى غير النووية في حالة اعتدت على روسيا بدعم من قوة نووية أو بمشاركتها بما يطبق نظريا على الهجوم الأوكراني الذي تشنه كييف منذ أغسطس آب الماضي على مقاطعة كورسك الحدودية أو أي هجمات أوكرانية على منشآت حيوية روسية باستخدام الأسلحة الغربية كذلك يتم توسيع نطاق مفعول المظلة النووية الروسية على مستوى دولة الاتحاد مع بيلاروسيا والتي يرجح أن موسكو نشرت عددا من القطع من أسلحتها النووية التكتيكية على أراضيها في العام الماضي وقد شاركت مينسك في الصيف الماضي في تدريبات مشتركة مع موسكو على الاستعداد لاستخدام السلاح النووي غير الاستراتيجي بقاء الطابع الدفاعي في العقيدة النووية الروسية يأسف الخبير في مركز بحوث قضايا الأمن التابع لأكاديمية العلوم الروسية قسطنطين بلوخين لعدم إدراج إمكانية شن ضربة نووية استباقية كأداة للضغط النفسي ضمن العقيدة المعدلة معتبرا أن الزمن وحده كفيل بالكشف عما إذا كانت النسخة الجديدة من العقيدة النووية الروسية ستقنع الغرب بجدية الخطوط الحمر الروسية ويقول بلوخين في حديث لـالعربي الجديد إنه للأسف تم الإبقاء على الطابع الدفاعي للعقيدة من دون إدراج إمكانية شن ضربة نووية استباقية على عقيدتنا النووية على غرار العقيدة النووية الأميركية إذ لا تريد موسكو على ما يبدو أن تظهر في عيون العالم بنفس صورة الولايات المتحدة التي يراها العالم أجمع لا سيما دول الجنوب العالمي دولة عدوانية وفي معرض إجابته عن سؤال حول ما إذا كانت العقيدة المعدلة ستؤدي مهام الردع يعتبر بلوخين أن الزمن وحده سيحكم إلى أي مدى ستؤدي العقيدة المعدلة مهمة الردع وما إذا كان الغرب استوعب التحذيرات الروسية ويوضح أنه حتى الآن ترفض الدول الغربية إعطاء الضوء الأخضر لأوكرانيا لضرب العمق الروسي بأسلحته بعيدة المدى ولكنها قد توافق على ذلك لاحقا مثلما قررت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تسليم أوكرانيا صواريخ هيمارس ودبابات أبرامز ومقاتلات أف 16 بعد تردد طويل قسطنطين بلوخين الزمن وحده سيحكم إلى أي مدى ستؤدي العقيدة النووية الروسية المعدلة مهمة الردع ورغم أن العقيدة النووية الروسية المعدلة تنص على الحالات العامة لاستخدام السلاح النووي إلا أن بلوخين يقر بأنها تترك مجالا واسعا لتفسيرها قائلا إن تفسير هذه العقيدة يعتمد على رؤية القيادة السياسية الروسية إذ ثمة من يرى أن الهجمات على قاعدة إنغيلس الجوية المحتضنة لقاذفات استراتيجية روسية في نهاية عام 2022 تقع تحت مفعول العقيدة النووية حتى بنسختها قبل التعديل ولكن لم تفعل وبرأيه فإنه بأي حال من الأحوال لن تطبق أحكام العقيدة النووية ردا على أعمال ما تلقائيا وإلا لكان يمكن إسناد اتخاذ القرار إلى الذكاء الاصطناعي وكان مطار إنغيلس العسكري الواقع في مقاطعة ساراتوف جنوبي روسيا والذي يحتضن قاذفات تو 160 الاستراتيجية الملقبة بـالبجعة البيضاء قد تعرض في ديسمبر كانون الأول 2022 لهجومين أوكرانيين باستخدام مسيرات أسفر عن مقتل بضعة عسكريين روس من جهته يقر الباحث بمركز الأمن الدولي بمعهد بريماكوف للاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية دميتري ستيفانوفيتش هو الآخر بأن حالات تفعيل العقيدة النووية الروسية المعدلة تتسم بدرجة عالية من الغموض معتبرا في حوار مع برنامج المراجعة الدولية المذاع على قناة روسيا 24 الحكومية الروسية في الوقت نفسه أن هذا الأمر طبيعي في ظل اعتماد القوى العظمى الأخرى باستثناء الصين صيغا حتى أكثر ضبابية وبحسب ستيفانوفيتش فإنه لا مجال للحديث عن أي معايير دقيقة وحالة روسيا ليست فريدة من نوعها من هذه الجهة تتضمن العقائد النووية لدول أخرى مفاهيم من قبيل الظروف الطارئة والمصالح الحيوية التي لا يذكرها أحد على وجه الدقة العقائد النووية الأميركية والبريطانية والفرنسية حتى أكثر ضبابية وبرأيه فإن الصين هي القوى العظمى الوحيدة التي وضعت على عاتقها الالتزام بعدم استخدام السلاح النووي إلا ردا على ضربة نووية مضيفا أن ثمة حالة استثنائية متمثلة بالصين التي تقول صراحة إنها لن يكون لها السبق باستخدام السلاح النووي لكن من جانب آخر فإن الصين تتسم بدرجة عالية من الغموض والانغلاق وانعدام الشفافية في شتى المجالات المتعلقة بالسلاح النووي وربما لا تنافسها في ذلك سوى إسرائيل غموض مقصود بموازاة ذلك تعمد كبار المسؤولين الروس بعد الإعلان عن تعديل العقيدة النووية الإبقاء على حالة من الغموض حول الحالات التي قد يستخدم فيها السلاح النووي إذ أوضح الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف في حديث مع الإعلامي المقرب من الكرملين بافيل زاروبين نهاية الشهر الماضي أن التعديلات المدرجة على العقيدة النووية الروسية ضرورية نظرا لتغير الوضع الدولي وتنامي التوتر على الحدود الروسية وقال إنه في الواقع بدأت قوى نووية بالمشاركة في النزاع دعما لأوكرانيا مشيرا إلى أن اقتراب البنية التحتية العسكرية التابعة لحلف شمال الأطلسي ناتو من الحدود الروسية وتطورات الوضع تتطلب تحريرا إضافيا وتقنينا للظروف الجديدة واعتبر في الوقت نفسه أن الرؤوس العاقلة في الغرب تلقت الإشارة بينما تواصل الرؤوس الساخنة انتهاج سياسات قد تكون لها تداعيات سلبية للغاية على الجميع ومع ذلك أحال السؤال المباشر حول اللحظة التي قد يستخدم فيها السلاح النووي إلى العسكريين لافتا إلى أنهم يتابعون عن كثب ما هي الأسلحة المستخدمة تحديدا وكيف تستخدم ويرصدون الضلوع المباشر لبلدان الغرب الجماعي في النزاع حول أوكرانيا تعمد كبار المسؤولين الروس الإبقاء على حالة من الغموض حول الحالات التي قد يستخدم فيها السلاح النووي من جهة أخرى لم يستبعد رئيس لجنة الدفاع بمجلس الدوما النواب الروسي أندريه كارتابولوف أن يشكل السماح لكييف بشن ضربات على العمق الروسي بواسطة أسلحة بعيدة المدى ذريعة لاستخدام السلاح النووي بموجب العقيدة النووية الروسية المعدلة وقال كارتابولوف لوكالة نوفوستي الحكومية الروسية أخيرا قد يصبح ذلك مسوغا ولكن القرار سيتخذه القائد العام أي بوتين وأشار إلى أن هناك عوامل كثيرة تتطلب تقييما ولذلك لا يمكن الجزم بإمكانية استخدام السلاح النووي أو استبعاده مضيفا أنه لذلك شعر شركاؤنا الغربيون السابقون بالتوتر لأن هذه الحجة جادة بدوره أكد نائب وزير الخارجية الروسي المعني بقضايا العلاقات مع الولايات المتحدة ومنع الانتشار والرقابة على الأسلحة سيرغي ريابكوف أن روسيا تستعد للمواجهة طويلة الأجل مع الغرب قائلا في تصريحات صحافية في ختام اجتماع كتلة حزب روسيا الموحدة الحاكم مطلع أكتوبر تشرين الأول الجاري تبادلنا الآراء حول آفاق تحسين العلاقات بما في ذلك على ضوء الانتخابات المرتقبة في الولايات المتحدة في نوفمبر تشرين الثاني وأوضح أنه يجب ألا نتوهم نظرا لإجماع الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة على معاداة روسيا يجب أن نستعد للمواجهة طويلة الأجل مع هذا البلد ونحن مستعدون لذلك من كافة النواحي وأضاف أن موسكو تصدر كافة الرسائل الإنذارية إلى خصمنا حتى لا يقلل من أهمية حزمنا متوعدا بأن خطط الولايات المتحدة إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا لن تتحقق دون الإشارة صراحة إلى ما إذا كان تعديل العقيدة النووية الروسية هو المقصود بالرسائل الإنذارية

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح