تطبيع وجبناء في المغرب

٢٥ مشاهدة
شهدت جامعة في الدار البيضاء واقعة أثارت جدلا واسعا في المغرب عندما رفض عميد إحدى كلياتها تكريم طالبة متفوقة لأنها كانت تعتمر الكوفية الفلسطينية وأظهر مقطع فيديو متداول على منصات التواصل محاولته إزالة الكوفية من على كتف الطالبة لكنها تمسكت بها تضامنا منها مع غزة وأثار رفض العميد تكريم الطالبة استياء كبيرا وعاصفة من الاستهجان في المغرب انتقدته موقفا غير مفهوم وغير مقبول وممن علقوا على الواقعة الوزير والقيادي السابق في حزب العدالة والتنمية الإسلامي مصطفى الرميد الذي وصف عميد الكلية بأنه جبان لا يستحق العمادة بل ومتجرد من الإنسانية ولا يستحق الاحترام وفي هذه الحالة ليس وضع الناقد أفضل من وضع المنقود فالرميد كان وزيرا للعدل ووزيرا لحقوق الإنسان في حكومتين ترأسهما حزبه بين 2012 و2021 وفي الحكومة الثانية كان بمثابة نائب رئيس الحكومة رئيسه في الحزب سعد الدين العثماني الذي وقع أمام الملك محمد السادس على اتفاقات التطبيع المشؤومة مع الكيان الصهيوني ولم يخرج الرميد في حينه ليصف رئيسه في الحزب والحكومة بـالجبان لأن تلك الاتفاقات هي التي شجعت على التطبيع مع كل أشكال التصهين التي يجسدها اليوم مسؤولون مغاربة كثيرون كما أن الرميد لم يمتلك هو نفسه الشجاعة ليعلن استقالته من الحكومة التي باركت التطبيع وبعد أن التزم صمتا أربع سنوات ربما خوفا على المنصب والمزايا عاد اليوم ليكشف للرأي العام المغربي أنه كان ضد التطبيع وضد توقيع حزبه على الاتفاقات التي شرعته وفي الوقت نفسه يدافع عن الموقف الرسمي بشأنه بما أنه يدرك أن القرار هو قرار القصر وليس الحكومة لذلك دعا إلى النظر إليه ضرورة سواء كانت تلك الضرورة حقيقة أو مفترضة كما قال ويحمل المسؤولية في ذلك للجزائر هل هناك جبن أكبر من هذا الذي يعتري صاحب هذا الموقف الذي كان عضوا نشيطا في المؤتمر القومي الإسلامي كان على الرميد أن يتحلى بالشجاعة خاصة بعد أن لفظته السلطة هو وحزبه من دهاليزها وقد استنفدت صلاحيتهما كما قال هو نفسه ويعتذر عن الجريمة التي ارتكبوها في حق الشعبين المغربي والفلسطيني عندما زكوا التطبيع الذي بات ينهش المجتمع المغربي مثل سرطان خبيث يفت في عضده وينخره من الداخل لا أن يدافع عما يسميه التطبيع البارد الذي يزكي تطبيع الحكام ويبرره ويدعو الشعوب إلى الاحتجاج للتنفيس عن حالة الاحتقان داخل المجتمعات معتبرا نظام عبد الفتاح السيسي في مصر أكثر تجسيدا لما يصفه بـالنظرية الذكية للتطبيع مع التطبيع ليس هذا دفاعا عن العميد الجبان فمثله هناك مسؤولون مغاربة كثيرون جبناء يسيرون مؤسسات دستورية ووزارات وإدارات كبيرة وجامعات وكليات ومدارس عليا وكذلك مجالس علمية مثل المجلس العلمي الأعلى الذي يعتبر بمثابة دار الإفتاء ويرأسه الملك بل ورؤساء أحزاب بينها من يصنف نفسه معارضا ومع ذلك لم نسمع من أي من هؤلاء موقفا معارضا أو مناهضا للتطبيع وإنما اجتهادات في إيجاد تبريرات فجة لكل أشكال التصهين المستفزة للشعب المغربي المناهض للتطبيع في وقت يقتل فيه الفلسطينيون الأبرياء في مجازر بشعة يرتكبها الكيان الصهيوني في تحد لكل القيم الكونية والأخلاق الإنسانية والقوانين الدولية والشرائع الدينية تخاف السلطة في المغرب وخدامها من مناهضي التطبيع حتى لو اعتمروا كوفية فلسطينية ليست واقعة جامعة الدار البيضاء الأولى ولن تكون الأخيرة فقد سبق لرؤساء جامعات في الدار البيضاء والقنيطرة أن منعوا فعاليات للتضامن مع الفلسطينيين وأغلقوا أبواب الجامعات وقطعوا عنها الكهرباء وأعلنوا أيام الفعالية عطلة مدفوعة الأجر من أموال دافعي الضرائب لتبرير إغلاق الجامعة وتعليق الدراسة فيها وقد قرض كل هذه الإجراءات الاحترازية جبن هؤلاء المسؤولين وأحدث قرار اتخذه مسؤولون جامعيون خوفا من طلبة جامعتهم المناصرين للفلسطينيين صدر عن جامعة محمد السادس في بنكرير التي ألغت حفل التخرج لأن الطلبة أصروا على حضور الحفل وهم يعتمرون الكوفية الفلسطينية وفي المقابل تفتح جامعات ومعاهد ومدارس عليا كثيرة أبوابها لأنشطة يحضرها صهاينة ومن بينها من وقع شراكات مع جامعات صهيونية رؤساء جامعات مغربية المفترض أنهم يمثلون نخبة النخبة في مجتمعهم هم ضد التطبيع لكنهم لا يجرؤون على التعبير عن آرائهم بحرية ويمنعون الفعاليات والأنشطة المناهضة أو المنتقدة له في جامعاتهم وجو الخوف داخل الجامعات والمؤسسات التعليمية وسبق أن تحدث عنه الكاتب في مقال سابق يدفع الأساتذة والباحثين إلى القبول بالأمر الواقع فلا يعقل طوال عشرة أشهر من المجازر وحرب الإبادة في غزة الشهيدة لم تنعقد في أي من الجامعات المغربية ندوة أو محاضرة أو فعالية تتناول هذه الحرب التي هزت العالم وسوف تغير وجهه لا يتعلق الأمر بعدم متابعة الجامعة المغربية ما يحدث ولا بعدم استيعابها خطورته ومدى تأثيره مستقبلا على جميع المستويات في العالم وإنما بهاجس الخوف الذي أصبح مهيمنا على الجامعات المغربية والعاملين فيها وطلبتها الجبن يعمي ويصم ويبكم ويذل يعمي عن رؤية الحق ويصم عن سماع صوته ويبكم عن الصدح به وفي الأخير يذل صاحبه هذا ما أكد عليه كل من عبد الرحمن الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد وإيتيان دي لا بوسيه في كتابه العبودية الطوعية الذل والاستكانة والخضوع والخوف والجبن كلها طبائع الشعوب الخانعة التي تصنع طغاتها بأيديها لتقدسها وتعبدها لذلك مناهضة التطبيع ونقده والتعبير بكل الأشكال عن رفضه هو بداية تحرير الشعب من الجبن الذي يكبله ويخنق صوته ولهذا تخاف السلطة وأعوانها وخدامها من مناهضي التطبيع حتى لو اعتمروا كوفية فلسطينية

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح