تساؤلات عن على حافة البركان توثيق لحظة متكررة
عرض برنامج التقطها مُجدّداً، في نسخته الأولى (8 ـ 14 أكتوبر/تشرين الأول 2025)، والمُقام في سينما متروبوليس، والمتضمّن 14 فيلماً لبنانياً (2019 ـ 2025)، الوثائقي على حافة البركان (2023، عنوانه الإنكليزي: رقص على حافة البركان)، لسيريل عريس. الاحتفاء خاص بالفيلم اللبناني مُستحقّ، نظراً إلى كمية الأفلام التي أنتجها لبنان في ظروف غير داعمة للسينما، وللفن عامة. فأي فيلمٍ لا يبدأ رحلته من سيناريو وشركة إنتاج سينمائي تُموّل المشروع، بل من رحلة أخرى: البحث عن الدعم والتمويل اللذين تتبنّاهما وتديرهما شركة إنتاج محلية. الرحلة مضنية على صانعي الفيلم الذي يرتهن لإشارة اكتمال التمويل وكفايته، والبدء، بشوق وتوجس، بتحقيق حلم إنجازه، انطلاقاً من استطلاع أماكن التصوير، واختيار الممثلين، فالعمليات الفنية (مونتاج، مكساج... إلخ)، عمليات مُضنية تذهب بالفيلم إلى الشاشة.
لعل هذه المفردة (المضنية) فكرة تأسيسية لفيلم عريس، الذي بدا مُرافقة بصرية لإنجاز كوستا برافا (2021) لمونية عقل. فالقلق والتوتر والتوجس والسباق مع الزمن ترافق صناعة الفيلم، وهذا يستحق الشهادة بالتوثيق، مهما كان نوعه. لكن الفكرة اللامعة الأخرى، التي زاوجها المخرج برصده البصري لهذه الرحلات المضنية، كامنةٌ في ربطه صنع فيلم محلي (كوستا برافا مثالاً) بالأوضاع المحلية العامة، وتاريخ هذه الأوضاع المتكرّرة، في أي محاولة للإنجاز. كأن الواقع المحلي في صراع قدري تراجيدي مع الحداثة، المتمثلة في صنع فيلم، جزء من سردية ثقافية لأي بلد.
هذه المزاوجة الذكية، كالتقاط ثقافي من الواقع، صنعت الحكاية التي قدّمها على حافة البركان: تعرقل إنجاز كوستا برافا، ليس بسبب الرحلات المضنية التي قطعها لبلوغ الإنجاز، بل بسبب وضع عام، يؤثّر في الناس، وفي أصغر إمكانات عيشهم. بدا أن صنع فيلم، كحلم شخصي، ترفٌ لا بُدّ منه. إنه أيضاً من الحقوق العادية للناس، وربما الصغرى أيضاً، من دون الإشارة إلى مسؤولية أحد. فما يحصل في هذا البلد، الذى تتعرقل مشاريعه، ليس في وارد أحد ضمان عدم تكراره، من الحرب الأهلية اللبنانية، التي وثّق عريس ملامحها، بتطعيم فيلمه بلقطات من همسات (1980) لمارون بغدادي، مُستعيداً تاريخ
ارسال الخبر الى: