ترامب يطلق قذيفته الأولى في حرب الرسوم الجمركية

32 مشاهدة
أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب القذيفة الأولى في حربه التجارية العالمية بعد نحو أسبوعين من تنصيبه إذ فرض رسوما جمركية قاسية على سلع تقدر بأكثر من تريليون دولار من المكسيك وكندا والصين فيما تنذر رسوم ترامب بما هو أبعد من الحرب التجارية إذ تغير الجغرافيا السياسية وستفرض واشنطن رسوما بنسبة 25 على المنتجات المستوردة من كندا والمكسيك مع نسبة 10 على موارد الطاقة الكندية إلى أن تعمل كلاهما مع الولايات المتحدة لمكافحة تهريب المخدرات والهجرة وفق ما أعلن البيت الأبيض مساء السبت مضيفا أن السلع الواردة من الصين ستفرض عليها أيضا رسوما جمركية بنسبة 10 إضافة إلى الرسوم الجمركية الحالية ومن المرجح أن تكون هذه مجرد البداية إذ يتوق إلى فرض رسوم جمركية أكثر عدوانية وأكثر عالمية ما يمثل صدمة للاقتصاد العالمي ويزيد حالة عدم اليقين لدى الشركات ويدفع الأسعار في بلاده إلى الارتفاع على عكس ما يصبو إليه وتغير هذه الرسوم التي وصفها محللون بـالجاحدة خريطة الجغرافيا السياسية إذ تحول كندا والمكسيك إلى عدوين للولايات المتحدة بينما كان ترامب قد اعتمد عليهما كثيرا كحليفين وشريكين تجاريين مهمين خلال حربه التجارية على الصين إبان ولايته الرئاسية الأولى 2017 2021 فيما يتوقع أن ينضم الاتحاد الأوروبي إلى التكتلات التجارية الكبرى التي تضربها رسوم ترامب خلال الأيام المقبلة ما ينشر الفوضى التجارية عالميا ويغير كثيرا من جغرافيا المال والسياسة معا وتختلف رسوم ترامب هذه المرة عن نهجه السابق خلال ولايته الأولى في أن تطبيقها يبدو فوريا ولا يمنح الشركات المستوردة في بلاده أول الدول المستهدفة أي فرصة لترتيب الأوراق أو التفاوض بينما كان في الماضي يضع مهلا للتطبيق تصل إلى عدة شهور وتلقت كندا تأكيدا السبت الماضي بأنها ستخضع اعتبارا من الثلاثاء لرسوم جمركية بنسبة 25 على جميع المنتجات المصدرة إلى الولايات المتحدة باستثناء النفط الذي سيخضع لضريبة بنسبة 10 وفق ما أفاد مصدر حكومي كندي وأكد ترامب الجمعة الماضي أن لا شيء سيمنعه من فرض رسوم جمركية بنسبة 25 على المنتجات المستوردة من كندا والمكسيك مضيفا أن تلك الآتية من الصين ستخضع لضريبة بنسبة 10 إضافة إلى الرسوم الجمركية الحالية بذلك يهاجم الرئيس الأميركي الشركاء التجاريين الرئيسيين الثلاثة الذين يمثلون مجتمعين أكثر من 40 من واردات تدخل الولايات المتحدة ويبرر ترامب هذه الإجراءات باتهام الدول الثلاث بأداء دور في أزمة الفنتانيل وهو مادة أفيونية قوية تسبب أزمة هائلة في الولايات المتحدة يقول ترامب إن الصين تصدر المكونات الأساسية للعقار إلى المكسيك ما يتيح لعصابات المخدرات المكسيكية تصنيع الفنتانيل الذي يتم بيعه بعد ذلك في الولايات المتحدة كما ينتقد المكسيك وكندا لعدم سيطرتهما بشكل كاف على تدفقات الهجرة غير النظامية في المقابل أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو السبت في خطاب شديد اللهجة أن كندا ستفرض رسوما جمركية على المنتجات الأميركية ردا على تلك التي أعلن عنها ترامب وقال ترودو كندا ستفرض رسوما جمركية بنسبة 25 على ما مجموعه 155 مليار دولار كندي 102 مليار يورو من المنتجات الأميركية واعتبارا من غد الثلاثاء سيتم تطبيق هذه الرسوم الجمركية على بضائع بقيمة 30 مليار دولار أميركي كما نددت رئيسة المكسيك كلاوديا شينباوم السبت الماضي باتهام ترامب لحكومتها بالارتباط بتهريب المخدرات واصفة ذلك بأنه افتراء مؤكدة فرض رسوم جمركية على الولايات المتحدة ردا على تلك التي أعلنها الرئيس الأميركي وقالت لدينا خطة أ وخطة ب وخطة ج لأي قرار تتخذه الحكومة الأميركية من دون الخوض في تفاصيل وأعلنت الصين أمس الأحد أنها تعارض بشدة التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على بكين متعهدة اتخاذ إجراءات مضادة مماثلة لحماية حقوقنا ومصالحنا بحزم وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان إن الصين غير راضية أبدا وتعارض ذلك بشدة مضيفة أنها سترفع دعوى ضد واشنطن في منظمة التجارة العالمية ترامب الثاني أكثر عدوانية وتطرفا من ولايته الرئاسية الأولى إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية الجديدة من شأنه أن يمحو أي شكوك حول عزمه على اتخاذ موقف صارم بشأن التجارة بغض النظر عن تحذيرات الشركات والدبلوماسيين والاقتصاديين بشأن العواقب المحتملة وفي ورقة حقائق تشرح الأوامر التنفيذية التي أصدرها السبت الماضي قال البيت الأبيض إن الوصول إلى السوق الأميركية هو امتياز وإن الرسوم الجمركية لحماية المصلحة الوطنية وفي الأيام الأخيرة كانت هناك تقارير تفيد بأنه قد يؤجل الرسوم الجمركية أو يختار نهجا أكثر تدريجية وقام المسؤولون الكنديون والمكسيكيون خلال الأيام الماضية بالتنقل ذهابا وإيابا إلى واشنطن مشيرين إلى أن الرسوم الجمركية ستكون مضادة للإنتاجية تماما في أميركا الشمالية التي تعد واحدة من أكثر مناطق التجارة تكاملا في العالم في النهاية لم يلتفت ترامب إليهم واختار فرض رسوم قاسية وواسعة النطاق مع استثناء جزئي فقط للنفط والغاز من كندا والذي سيقتصر في الوقت الحالي على رسوم بنسبة 10 ورغم أن الرسوم على الصين جاءت أخف بنسبة 10 من مستوى 60 الذي هدد به ترامب أثناء حملته الانتخابية لكنها تأتي فوق التعريفات الجمركية بنسبة 25 التي تغطي بالفعل جزءا كبيرا من تجارة الولايات المتحدة مع الصين وقد تكون بمثابة وابل افتتاحي في صراع تجاري متجدد بين العملاقين ورغم ولع ترامب المعلن بالرسوم الجمركية التي ميزت ولايته الأولى في البيت الأبيض فإن تصرفاته الأخيرة قد تبدو أكثر تطرفا من تصرفاته السابقة خلال ولايته الأولى كانت الصين الهدف الرئيسي لرسومه الجمركية والتي انتهت إلى تطبيقها على حوالي 370 مليار دولار من الواردات الصينية بينما تغطي جولته الجديدة من الرسوم الجمركية ما يقرب من 900 مليار دولار من الواردات من كندا والمكسيك وتمتد الرسوم الجمركية الإضافية على الصين إلى منتجات مثل أجهزة الكمبيوتر والألعاب والهواتف الذكية والتي استبعدها ترامب من الرسوم الجمركية الإضافية في ولايته الأولى من أجل حماية المستهلكين كذلك عمل ترامب خلال ولايته الأولى على تراكم الرسوم الجمركية على مدى عامين باستخدام قوانين توفر فترات إشعار مدتها أشهر للشركات المتضررة لكن الرسوم الجمركية التي تم الإعلان عنها في الأول من فبراير شباط الجاري تدخل حيز التنفيذ في الرابع من نفس الشهر وقد استشهد ترامب بقانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية وهو القانون الذي يمنح البيت الأبيض سلطة واسعة لفرض الرسوم الجمركية وقال محامي التجارة الدولية والمدير المشارك لمركز القانون الدولي في كلية الحقوق في نيويورك باري أبلتون وفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال إن هذه الإجراءات تمثل المرة الأولى التي يتم فيها استخدام قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية لفرض الرسوم الجمركية واستخدم الرئيس ريتشارد نيكسون قانونا سابقا لفرض رسوم جمركية بنسبة 10 على جميع الواردات في عام 1971 وقال أبلتون إن القانون يمنح ترامب سلطات واسعة ويجعل من الصعب على الكونغرس إلغاء الأوامر معضلة الرد على رسوم ترامب ورغم تعهد كندا والمكسيك والصين بالرد على رسوم ترامب إلا أنها تواجه معضلة كبيرة حيال ذلك بالنسبة للصين فإنها اختارت خلال إدارة ترامب الأولى الانتقام السريع ولكن هذا أدى إلى دوامة تصاعدية من التدابير التجارية والتعريفات الجمركية الأوسع نطاقا قرار ترامب السبت الماضي فرض تعريفات جمركية جديدة على الواردات من الصين يشكل معضلة لقادة بكين وفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز متسائلا هل من الأفضل تجاهل الرسوم الجمركية الجديدة أم الرد وأشار التقرير إلى أن القيام بالقليل من العمل ينطوي على خطر الظهور بمظهر الضعيف في نظر الشعب الصيني فقد وصفت أجهزة الدعاية المحلية واسعة النطاق في الدولة الصين بأنها قوة صاعدة في حين صورت الولايات المتحدة على أنها تعاني من انحدار لا هوادة فيه ولكن الرد القوي يهدد ببدء حرب تجارية عالمية قد تلحق الضرر بالصين أكثر من الولايات المتحدة فقد بلغ الفائض التجاري للصين ما يقرب من تريليون دولار في العام الماضي 2024 والصادرات وبناء مصانع جديدة لزيادة الصادرات هي عمليا المجال الوحيد للقوة هذه الأيام في الاقتصاد الصيني وبينما كان البعض في الصين مرتاحين لأن ترامب ركز في بداية قصفه التجاري على دول أخرى مستهدفا المكسيك وكندا بقذائف ثقيلة لكن هناك من يتوقع أن رسوم الـ10 على بكين مجرد بداية وقال وو شينبو عميد معهد الدراسات الدولية في جامعة فودان في شنغهاي لا أعتقد أننا نشعر بالتفاؤل بشأن مستقبل هذه العلاقة نظرا لفريقه من الصقور بشأن الصين فإن المعركة لم تأت بعد وقد أظهرت الصين في الأسابيع التي تلت إعادة انتخاب الرئيس ترامب أنها قد تكون مستعدة ليس فقط للرد على التعريفات الجمركية ولكن أيضا لرفع الرهان إذ وضعت ضوابط لتصدير المواد والتقنيات وفي أوائل ديسمبر كانون الأول الماضي أوقفت الصين تصدير المعادن الحيوية مثل الأنتيمون والغاليوم إلى الولايات المتحدة والتي تستخدم في تصنيع بعض الرقائق الإلكترونية أشباه الموصلات كان حظر التصدير هذا انتقاما من قرار اتخذه الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قبل أيام من انتهاء ولايته الرئاسية بتوسيع القيود الأميركية على نقل التكنولوجيا إلى الصين وتجاوز رد بكين أي قيود تصدير سابقة ولأول مرة حظرت بكين رسميا على الدول الأخرى التي تشتري هذه المعادن إعادة تصديرها إلى الولايات المتحدة وكانت الصين في السابق منتقدة لمثل هذا الحظر على الشحنات العابرة ووصفتها بأنها شكل غير عادل من أشكال الاختصاص القضائي الطويل الذراع الذي يتدخل في التجارة الدولية ومع ذلك قال خبراء صينيون يقولون إن بكين تدرك أن رد الفعل القوي من جانب الصين يشكل خطرا فالمزيد من القيود على الصادرات قد يدفع الشركات متعددة الجنسيات إلى التوقف عن الاستثمار في الصين ووضع مصانعها الجديدة في بلدان أخرى وهناك خطر آخر يتمثل في أن مثل هذه القيود على الصادرات من قبل الصين قد تؤدي إلى رد فعل آخر من جانب ترامب وضع صعب بالنسبة للمكسيك وكندا وبينما لدى الصين أوراق للرد والضغط فإن الوضع بالنسبة لكندا والمكسيك يبدو ضعيفا وإن كانت خطوات ترامب لإضعافهما تحولهما إلى عدوين بعد عقود طويلة من التقارب والشراكة التجارية الواسعة والبديلة للصين التي تخشى أميركا زحفها بشكل متسارع كانت كندا والمكسيك من بين أقرب شركاء التجارة للولايات المتحدة منذ تسعينيات القرن العشرين عندما ربطت اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية بين الاقتصادات الثلاثة وألغى الاتفاق معظم الرسوم الجمركية على السلع المتداولة بين هذه الدول ووضع عمليات للتخلص من الحواجز التنظيمية وغيرها وفي عام 2023 وللمرة الأولى استوردت الولايات المتحدة المزيد من المنتجات من المكسيك أكثر من أي دولة أخرى وهو التحول الذي يسلط الضوء على كيف أعادت التوترات المتزايدة بين واشنطن وبكين صياغة الظروف الاقتصادية العالمية ووفقا لبيانات مكتب الإحصاء الأميركي قدمت كندا والمكسيك مجتمعتين حوالي 28 من واردات الولايات المتحدة في أول 11 شهرا من عام 2024 في حين شكلت الصين حوالي 13 5 ولا شك أن ترامب محق في أن أميركا لديها نفوذ في الصراعات التجارية فالصادرات إلى أميركا تساوي نحو 20 من الناتج المحلي الإجمالي الكندي و30 من الناتج المحلي الإجمالي المكسيكي وعلى النقيض من ذلك فإن الصادرات الأميركية إلى كندا والمكسيك مجتمعة تساوي نحو 3 فقط من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي وتشير تقديرات معهد بيترسون للاقتصاد الدولي وهو مؤسسة بحثية إلى أن التعريفات الجمركية بنسبة 25 قد تؤدي إلى انكماش الاقتصادين المكسيكي والكندي بنسبة 1 إلى 2 على مدى السنوات القليلة المقبلة بينما سيكون تباطؤ النمو في أميركا أقرب إلى 0 2 واستوردت الولايات المتحدة حوالي 418 6 مليار دولار من البضائع من كندا في عام 2023 وفقا لبيانات مكتب الإحصاء ومن ذلك شكلت واردات النفط الخام والغاز الطبيعي والكهرباء وغيرها من المنتجات المرتبطة بالطاقة ما لا يقل عن 106 مليارات دولار في ذلك العام كما استوردت 475 2 مليار دولار من البضائع من المكسيك وعلى الرغم من أن المكسيك وكندا قالتا إنهما تستعدان للانتقام إلا أنهما تواجهان معضلة فإذا فرضتا تعريفات جمركية على أميركا فسوف تتفاقم الأضرار التي تلحق باقتصاديهما وتستدعيان الانتقام وإذا لم تفعلا شيئا فسوف تبدوان ضعيفتين وفي الوقت نفسه يخطط ترامب بالفعل لخطواته التالية بحقهما كذلك فإن أوروبا في مرمى نيرانه كما يريد في نهاية المطاف فرض تعريفات جمركية عالمية على جميع الواردات ما يغير كثيرا من خريطة الجغرافيا السياسية ووضع التكتلات الاقتصادية العالمية إذ تدفع سياسات ترامب الكثير من الدول نحو البحث عن بدائل وخيارات أكثر مرونة تتيح لها الحفاظ على استقرار تدفق السلع والخدمات وتعد الاتفاقيات التجارية الثنائية والإقليمية من بين الخيارات المفضلة بالنسبة للعديد من الدول التي أدركت أن الاعتماد المفرط على السوق الأميركية يحمل مخاطر اقتصادية قد تؤدي إلى اختلال ميزان القوة

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2025 يمن فايب | تصميم سعد باصالح